2528
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد الخامس
من صفحة 343- 412
فتح العادل يافا من الإفرنج واستيلاء الإفرنج
على بيروت وحصارهم تبنبن
ولما توفي صلاح الدين، وملك أولاده بعده، جدد العزيز الهدنة مع الكندهري ملك الإفرنج، كما عقد أبوه معه. وكان الأمير أسامة يقطع بيروت فكان يبعث الشواني للإغارة على الإفرنج. وشكوا ذلك إلى العادل بدمشق، والعزيز بمصر فلم يشكياهم فأرسلوا إلى ملوكهم وراء البحر يستنجدونهم فأمدوهم بالعساكر، وأكثرهم من الألمان. ونزلوا بعكا، واستنجد العادل بالعزيز فبعث إليه بالعساكر، وجاءته عساكر الجزيرة والموصل، واجتمعوا بعين جالوت وأقاموا رمضان وبعض شوال من سنة إثنتين وتسعين ثم ساروا إلى يافا فملكوا المدينة أوّلاً وخربوها. وإمتنع الحامية بالقلعة فحاصرها وفتحوها عنوة واستباحوها. وجاء الإفرنج من عكا لصريخ إخوانهم، وإنتهوا إلى قيسارية فبلغهم خبر وفادتهم، وخبر وفادة الكندهري ملكهم بعكا فرجعوا ثم اعتزموا على قصد بيروت فسار العادل لتخريبها حذراً عليها من الإفرنج فتكفل له أسامة عاملها بحمايتها. وعاد ووصل إليها الإفرنج يوم عرفة من السنة، وهرب منها أسامة وملكوها. وفرق العادل العساكر فخربوا ما كان بقي من صيدا بعد تخريب صلاح الدين، وعاثوا في نواحي صور فعاد الإفرنج إلى صور، ونزل المسلمون على قلعة هونين. ثم نازل الإفرنج حصن تبنبن في صفر سنة أربع وتسعين، وبعث العادل عسكراً لحمايته فلم يغنوا عنه. ونقب الإفرنج أسواره
فبعث العادل بالصريخ إلى العزيز صاحب مصر فأغذ السير بعساكره، وانتهى إلى عسقلان في ربيع من السنة.وكان المسلمون في تبنبن قد بعثوا إلى الإفرنج من يستأمن لهم، ويسلمون لهم فأنذرهم بعض الإفرنج بأنهم يغدرون بهم فعادوا إلى حصنهم، وأصرّوا على الإمتناع حتى وصل العزيز إلى عسقلان فاضطرب الإفرنج لوصوله، ولم يكن لهم ملك، وإنما كان معهم الجنصكير القسيس من أصحاب ملك الألمان، والمرأة زوجة الكندهري فاستدعوا ملك قبرص وإسمه هنري وهو أخ الملك الذي أسر بحطين فجاءهم وزوّجوه بملكتهم. فلما جاء العزيز وسار من عسقلان إلى جبل الخليل وأطلّ على الإفرنج وناوشهم القتال، رجع الإفرنج إلى صور ثم إلى عكا. ونزلت عساكر المسلمين بالبحور فاضطرب أمراء العزيز، واجتمع جماعة منهم وهم: ميمون القصري وقراسنقر والحجاب وابن المشطوب على الغدر بالعزيز ومدبر دولته فخر الدين جهاركس، فأغذ السير إلى مصر. وتراسل العادل والإفرنج في الصلح. وإنعقد بينهم في شعبان من السنة، ورجع العادل إلى دمشق، وسار منها إلى ماردين كما يأتي خبره، والله تعالى أعلم.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق