إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 29 سبتمبر 2014

1470 موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية للدكتور عبد الوهاب المسيري المجلد الخامس: اليهودية.. المفاهيم والفرق الجزء الثاني: المفاهيم والعقائد الأساسية في اليهودية الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية) الفـــتاوى Responsa


1470

موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية

للدكتور عبد الوهاب المسيري

المجلد الخامس: اليهودية.. المفاهيم والفرق

الجزء الثاني: المفاهيم والعقائد الأساسية في اليهودية

الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)

الفـــتاوى

Responsa

«بسْاقوت» بالعبرية من فعل «بسق» بمعنى «قضى» أو «أفتى» أو «حكم». وللفتاوى أهمية خاصة في اليهودية باعتبار أن الشريعة الشفوية (أي تفاسير الحاخامات) تفوق في أهميتها ومنزلتها الشريعة المكتوبة، أي العهد القديم، ومن ثم فإن الشرح الذي يقدمه الفقهاء أهم من المتن الموحى به. ونظراً لتعدد الأوامر والنواهي في اليهودية، واختلاف الظروف التاريخيـة والجغرافـية التي عاش فيها أعضاء الجماعات اليهودية، يجد اليهودي نفسه مضطراً دائماً إلى العودة للحاخامات لاستفتائهم، وخصوصاً أن اليهودية كتركيب جيولوجي تراكمي تحوي قدراً كبيراً من التناقض وعدم التجانس، ومن هنا تراكمت الفتاوى والتفاسير عبر العصور ويضم التلمود عدداً ضخماً منها.

ولكن المصطلح العبري «شئيلوت أوتشوفوت»، أي «أسئلة وأجوبة»، الذي يُترجَم عادةً بكلمة «فتاوى» بالمعنى الاصطلاحي، يشير إلى الخطابات التي كان يرسلها اليهود إلى أحد الحاخامات، يسألونه رأيه في أحد موضوعات الشريعة وإجابته عليهم. وقد ظهر هذا النوع من الفتاوى، منذ القرن السادس حتى القرن الحادي عشر، في العالم الإسلامي، وقد ارتبط اسم الفقهاء (جاؤنيم) بهذه الفتاوى. ويُلاحَظ أن ترابط العالم الإسلامي، والحركة التجارية النشيطة، ساعدا على تناقل الأفكار، كما أن أسلوب الفتاوى نفسه تأثر بأسلوب الفتاوى الإسلامية المماثلة. وقد لعبت الفتاوى دوراً أساسياً في إشاعة الشريعة الشفوية والتلمود البابلي كمصدرين أساسيين للشريعة. وقد جُمعت بعض هذه الفتاوى في كتيب، ويزيد ما جُمع منها حتى الآن على نصف مليون فتوى.

ولم يتوقف الحاخامات عن إصدار الفتاوى بعد ذلك التاريخ إذ أن وضع أعضاء الجماعات اليهودية دخلت عليه تغييرات كثيرة مع انتهاء العصور الوسطى، ثم مع الثورة الصناعية وعصر الانعتاق، الأمر الذي أدَّى إلى ضرورة التكيف والبحث في التراث الديني عن سوابق تبرر عمليات التحديث (على المستويات الجمالية والعقائدية) التي دخلت اليهودية. ولكن عدم تجانس النسق الديني اليهودي، وتركيبه الجيولوجي التراكمي، هو الذي جعل من اليسير على المفكرين الدينيين اليهود أن يطرحوا آراء عديدة متناقضة (بعضها توحيدي والبعض الآخر حلولي إلحادي) وجدت كلها تسويغاً لها في التراث الديني. ويُعتبَر موقف اليهودية من الصهيونية مثلاً جيداً على ذلك. فحينما نشأت الصهيونية، عارضتها جميع المنظمات الدينية اليهودية، الأرثوذكسية والإصلاحية، وقد استندوا في ذلك إلى التراث الديني. فالتلمود، في بعض أجزائه، يُحرِّم العودة (التعجيل بالنهاية)، وصدرت فتاوى بذلك. ولكن، بالتدريج، تمت عملية صهينة لليهودية تستند هي الأخرى إلى التراث الديني. وصدرت فتاوى أيضاً بذلك، حتى أصبحت الصهيونية واليهودية مترادفتين في ذهن كثير من أعضاء الجماعات اليهودية أنفسهم.

وقد أصدر الحاخامات الصهاينة الكثير من الفتاوى لتسهيل عملية الاستيطان الصهيوني، من أهمها الفتوى الخاصة بأن اليهود يمكنهم الاستيطان في فلسطين تمهيداً لعودة الماشيَّح بدلاً من انتظاره. كما أن ثمة فتاوى تؤكد أن ضم الضفة الغربية وغزة تنفيذ لتعاليم دينية. ومن أطرف الفتاوى، تلك الخاصة ببيع أرض يسرائيل لأحد الأغيار، في السنة السبتية، حتى يتمكن المستوطنون الصهاينة من زراعتها، إذ يتعيَّن على اليهود إراحة الأرض مرة كل ستة أعوام إن كانوا يمتلكونها.

والفتاوى مرتبطة أساساً بالمؤسسة الحاخامية وتستند إلى التوراة والتلمود. ولكن القبَّاليين، ابتداءً من القرن السادس عشر، أصدروا أيضاً فتاواهم مستندين إلى الزوهار، ومعارضين المؤسسة الحاخامية. ولقد جُـمعت فتاواهم في كتب خاصة حتى يمكن الرجوع إليها عند الحاجة.



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق