( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي
صفحة : 554
يا ديار الأحـبـاب هَـلْ مِــنْ مُـــجـــيب عنـك يشـفـي غـلـيل نـائي الـمـــزار.
ما أجـابـت ولـكِـنِ الـصـمـتُ مـنـهــاَ فيه لـلـسـائلـين طـول اعــتـــبـــار
إن تـكـن أوحَـشَـتْ فـبــعـــد أنـــيسٍ أو خَـلَـتْ مـنـهـمُ فـبـعـــد قـــرار
قد لـهـونـا بـهـا زمـانــاً وحـــينـــاً ووصـلـنـا الأسـحـار بـالأســـحـــار
واغـتـبـقـنـا عـلـى صَـبُـوحٍ ولـهـــوٍ وحــنـــين الـــنـــايات والأوتـــار
بين وَرْدٍ ونرجِسٍ وخزَامى وبنفس وسوسن وبَهَارِ
وأقاح وكل صنف من النَّوْ ر الـشـهـيِّ الْـجَـنَـى والْـجُـلّــنَـــارِ
فرمتنا الأيامُ أحسن ما كنا على حين غَفْلة واغترار
فافترقنا من بعد طول اجتماع ونـأينـا بـعــد اقـــتـــراب الـــديار
نداء المأمون في أمر معاوية وسببه
وفي سنة اثنتي عشرة ومائتين نادى منادي المأمون: برئت الذمة من أحد من الناس ذكر معاوية بخير أو قدمه على أحد من أصحاب رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم: وتكلم في أشياء من التلاوة أنها مخلوقة، وغير ذلك، وتنازعَ الناس في السبب الذي من أجله أمر بالنداء في أمر معاوية؛ فقيل في ذلك أقاويل: منها أن بعض سُمّاره حَدَّث بحديث عن مطرف بن المغيرة بن شعبة الثقفي، وقد ذكر هذا الخبر الزبير بن بكار في كتابه في الأخبار المعروفة بالموفقيات التي صنفها للموفق، وهو ابن الزبير، قال: سمعت المدائني يقول: قال مطرف بن المغيرة بن شعبة: وَفَدْتُ مع أبي المغيرة إلى معاوية، فكان أبي يأتيه يتحدث عنه ثم ينصرف إليَّ فيذكر معاوية ويذكر عقله ويعجب مما يرى منه، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العَشَماء، فرأيته مغتماً، فانتظرته ساعة، وظننت أنه لشيء حدث فينا أو في عملنا، فقلت له: ما لي أراك مغتماً منذ الليلة. قال: يا بني، إني جئت من عند أخْبَثِ الناس، قلت له: وما ذاك. قال: قلت له وقد خلوت به: إنك قد بلغت منا يا أمير المؤمنين، فلو أظهرت عَدْلاً وبسطت خيراً فإنك قد كبرت، ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصَلْتَ أرحامهم فوالله ما عندهم اليوم شيء تخافه، فقال لي: هيهات هيهات مَلَكَ أخوتَيْمٍ فعدل وفعل ما فعل، فواللّه ما عدا أن هلك فهلك ذكره، إلا أن يقول قائل: أبو بكر، ثم ملك أخو عَدِيٍّ، فاجتهد وشَمَّر عشر سنين، فواللّه ما عدا أن هلك فهلك ذكره، إلا أن يقول قائل: عمر، ثم ملك أخونا عثمان فملك رجلٌ لم يكن أحد في مثل نسبه، فعمل ما عمل وعمل به فوالله ما غدا أن هلك فهلك ذكره، وذكر ما فعلَ به، وإن أخا هاشم يُصْرَخُ به في كل يوم خمس مرات: أشهد أن محمداً رسول الله، فأي عمل يبقى مع هذا. لا أمَ لك؛ والله ألا دفنا دفنا، وإن المأمون لما سمع هذا الخبر بعثه ذلك على أن أمر بالنداء على حسب ما وصفنا، وأنشئت الكتب إلى الآفاق بلعنه على المنابر، فأعْظَمَ الناسُ ذلك وأكبروه، واضطربت العامة منه فأشير عليه بترك ذلك، فأعرض عما كان هَمَّ به.
وفاة أبي عاصم النبيل، وجماعة من أهل العلم
وفي خلافة المأمون كانت وفاة أبي عاصم النبيل، وهو الضحاك بن مخلد بن سنان الشيباني، وذلك في سنة اثنتي عشرة ومائتين، وفيها مات محمد بن يوسف الفارابي.
وفي سنة خمس عشرة ومائتين- وذلك في خلافة المأمون- مات هوذة بن خليفة بن عبد اللّه بن أبي بكر، ويكنى بأبي الأشهب، ببغداد، وهو ابن سبعين سنة، ودفن بباب البردان، في الجانب الشرقي، وفيها مات محمد بن عبد اللّه بن المثنىِ بن عبد اللّه بن أنس بن مالك الأنصاري، وفيها مات إسحاق بن الطباع، بأذنَةَ من الثغر الشامي، ومعاوية بن عمرو، ويكنى بأبي عمرو، وقبيصة بن عقبة، ويكنى بأبي عامر، من بني عامر بن صَعْصَعْةَ.
وفي سنة سبعَ عشرَةَ ومائتين دخل المأمون مصر، وقتل بها عبدوس، وكان قد تغلب عليها.
غزو الروم
وفي سنة ثمان عشرة ومائتين غزا المأمون أرض الروم، وقد كان شرع في بناء الطوانة، مدينة من مدنهم على فم الدرب، مما يلي طرسوس، وعمد إلى سائر حصون للروم، ودعاهم إلى الإِسلام، وخيرهم بين الإِسلام والجزية والسيف، وذلل النصرانية، فأجابه خلق من الروم إلى الجزية.
علة المأمون وموته
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق