إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 28 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 543 عيّ المأمون عن جواب ثلاثة



( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 543


 عيّ المأمون عن جواب ثلاثة
 
  وحدث أبو عباد الكاتب- وكان خاصّاً بالمأمون قال: قال لي المأمون: ما أعياني إلا جواب ثلاثة أنفس: صرت إلى أم ذي الرياستين أعزيها عنه فقلت: لا تأسَيْ عليه ولا تَحْزَنِي لفقده، فإن اللّه قد أخْلَفَ عليك مني ولداً يقوم لك مقامه، فمهما كنت تنبسطين إليه فيه فلا تنقبضين عني منه، فبكت، ثم قالت: يا أمير المؤمنين، وكيف لا أحزن على ولد أكسبني ولداً مثلك. وأتيت برجل قد تنبأ فقلت له: مَنْ أنت. قال: موسى بن عمران عليه السلام، فقلت: ويحك إن موسى بن عمران عليه السلام كانت له آياتٌ ودلالاتٌ بَانَ بها أمره، منها أنه ألقى عصاه فابتعلت كَيْدَ السَّحَرة، ومنها إخراجه يَدَه من جيبه وهي بيضاء، وجعلت أعدد عليه ما أتى به موسى بن عمران عليه السلام من دلائل النبوة، وقلت له: لو أتيتني بشيء واحدٍ من علاماته أو آية من آياته كنت أول من آمن بك، وإلا قتلتك، فقال: صدقت، إلا أني أتيت بهذه العلامات لما قال فرعون أنا ربكم الأعلى، فإن قلت أنت كذلك أتيتك من العلامات بمثل ما أتيته به، والثالثة أن أهل الكوفة اجتمعوا يَشْكُونَ عاملاً كنت أحمد مذهبه وأرتضي سيرته، فوجَّهت إليهم إني أعلم سيرة الرجل، وأنا عازم على القعود لكم في غداة غَدٍ، فاختاروا رجلاً يتولى المناظرة عنكم، فأنا أعلم بكثرة كلامكم، فقالوا: ما فينا من نرتضيه لمناظرة أمير المؤمنين، إلا رجل أطروش، فإن صبر أمير المؤمنين عليه تفضل بذلك، فوعدتهم الصبر عليه، وحضروا من الغد، فأمرت بالرجال فدخلوا والأطروش، فلما مثل بين يديَّ أمرتهم بالجلوس، ثم قلت له: ما تشكون من عاملكم. فقال: يا أمير المؤمنين، هو شر عامل في الأرض، أما في أول سنة ولينا فإنا بعنا أثاثاتنا وعَقَارنَا، وفي السنة الثانية بعنا ضياعنا وذخائرنا، وفي السنة الثالثة خرجنا عن بلدنا فاستغثنا بأمير المؤمنين ليرحم شكوانا ويطَوَّلَ علينا بالأمر بصَرْفِه عنا، فقلت له: كذبت لا أمان لك، بل هو رجل أحمدْتُ سيرتَهُ ومذهبه، وارتضيت دينه وطريقته، واخترته لكمِ لمعرفتي بكثرة سخطكم على عمالكم، قال: يا أمير المؤمنين، صدقْت وكذبْت أنا ولكن هذا العامل الذي ارتضيت دينه وأمانته وعفته وعدله وانصافه، كيف خصصتنا به هذه السنين دون البلاد التي قد ألزمك اللّه عز وجل من العناية بأمورها مثل ما ألزمك من العناية بأمرنا. فاستعمله على هذه البلاد حتى يشملهم من إنصافة وعدله مثل الذي شملنا، فقلت له: قم في غير حفظ الله، فقد عزلته عنكم.

 مناظرة المأمون للفقهاء
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق