إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 28 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 541 .إسحاق الموصلي وكلثوم العتابي عند المأمون



( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 541


 .إسحاق الموصلي وكلثوم العتابي عند المأمون
 
  وذكر المبرد وثعلب قالا: كان كلثوم العَتَابي واقفاً بباب المأمون، فجاء يحيى بن أكثم، فقال له العتَّابي: إنْ رأيت أن تعلم أمير المؤمنين بمكاني، قال: لست بحاجب، قال: قد علمت، ولكنك ذو فضل، وذو الفضل مِعْوَانٌ، قال: سلكت بي غير طريق، قال: إن اللّه قد ألحقك بجاه ونعمة منه، فهما مقيمان عليك بالزيادة إن شكرت، وبالتقتير إن كفرت، وأنا لك اليوم خَيْرٌ منك لنفسك، أدعوك لما فيه زيادة نعمتك وأنت تأبى ذلك، ولكل شيء زكاة، وزكاة الجاه بَذْلُه للمستعين، فدخل يحيى فأخبر المأمون الخبر، فأدخل إليه العتابي، وفي المجلس إسحاق بن إبراهيم الموصلي، فأمره بالجلوس، وأقبل يسأله عن أحواله وشأنه، فيجيبه بلسان ناطق، فاستظرفه المأمون، وأخذ في مُدَاعبته، فظن الشيخ أنه قد استخَص به، فقال: يا أمير المؤمنين، الإِيناس قبل الإِبساس، فاشتبه عليه قولُه، فنظر إلى إسحاق فغمزه بعينه ثم قال: ألف دينار، فأتى بها فوضعت بين يدي العَتَّابي، ثم دعا إلى المفاوضة، وأغْرَى المأمونُ إسحاقَ بالعبث به، فأقبل إسحاق يعارضه في كل باب يذكره ويزيد عليه، فعجب منه، وهو لا يعلم أنه إسحاق، ثم قال: أيأذن أمير المؤمنين في مسألة هذا الرجل عن اسمه ونسبه. فقال: افعل، فقال له العتابي: من أنت. وما اسمك. قال: أنا من الناس واسمي كل بصل فقال له العتابي: أما النسبة فقد عرفت، وأما الاسم فمنكر، وما كل بصل من الأسماء. فقال له إسحاق: ما أقَلّ إنصافَكَ، وما كلثوم. والبصل أطيب من الثوم، قال العتابي: قاتلك اللّه ما أمْلَحَكَ ما رأيت كالرجل حلاوة، أفيأذن أمير المؤمنين في صِلَته بما وصلني به فقد واللّه غلبني، فقال له المأمون: بل ذلك مُرَفّر عليك ونأمر له بمثله، فانصرف إسحاق إلى منزله، ونادمه بقية يومه.

 العتابي

 وكان العتابي من أرض جند قنسرين والعواصم، وسكن الرقة من ديار مُضَرَ، وكان من العلم والقراءة والأدب والمعرفة والترسل وحسن النظم للكلام وكثرة الحفظ وحسن الإِشارة وفصاحة اللسان وبراعة البيان وملوكية المجالسة وبراعة المكاتبة وحلاوة المخاطبة وجَوْدَة الحفظ وصحة القريحة على ما لم يكن كثير من الناس في عصره.
 وذكر أنه قال: كاتبُ الرجل لسانُه، وحاجبه وَجْهُه، وجليسه كله، ونظم في ذلك شعراً، فقال:         
  لسان الْفَتَى كاتبـه                      وَوَجْهُ الفتى حاجبه
  وَنَدْمَـانـه كـلُّـه                      وكل له واجـبـه وذكر عنه أنه قال: إذا وليت عملاً فانظر مَنْ كاتبك، فإنما يعرف مقدارك مَنْ بعد عنك بكاتبك، واستعقل حاجبك، فإنما يقضي عليك الوفود قبل الوصول إليك بحاجبك، واستكرم واستظرف جليسك ونديمك، فإنما يُوزَنُ الرجل بمن معه.

 بين كاتب ونديم
 وقد فاخر كاتب نديماً فقال الكاتب: أنا معونة وأنت مؤونة، وأنا للجد وأنت للهزل، وأنا للشدة وأنت للذة، وأنا للحرب وأنت للسلم، فقال النديم: أنا للنعمة وأنت للنقمة، وأنا للحُظْوَة وأنت للمهنة، وتقوم وأجلس، وتحتشم وأنا مؤنس، تدأب لحاجتي، وتَشْقَى بما فيه سعادتي، وأنا شريك وأنت معين، وأنا قرين وأنت تابع، وإنما سميت نديماً للنَّدَم على مفارقتي.
 وللعتابي أخبار حسان، وتصنيفات مِلَاحٌ، في ذكرها خروجٌ عما إليه قصدنا، ونحوه يَمَّمنا، وإنما ذكرنا عنه هذه الفصول لتغلغل الكلام بنا إليها وتشعبه نحوها.

 رجل يرفع قصة للمأمون
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق