إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 28 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 538 وفد الكوفة والمأمون



( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 538


 وفد الكوفة والمأمون
 
  وقدم وَفْدً الكوفة إلى بغداد، فوقفوا للمأمون، فأعْرَضَ عنهم، فقال شيخ منهم: يا أمير المؤمنين، يدُكَ أحق يدٍ بتقبيل، لعلوها في المكارم، وبعدها من المآثم، وأنت يوسفي العفو في قلة التَّثرِيب، مَنْ أرادك بسوء جعله اللّه حَصِيدَ سيفك، وطريد خوفك، وذليل دولتك، فقال: يا عمرو، نِعْمَ الخطيب خطيبهم، اقْض حوائجهم فقضيت.

 المأمون والزنادقة ومعهم طفيلي

 وذكر ثُمَامة بن أشْرَسَ قال: بلغ المأمون خبر عشرة من الزنادقة ممن يذهب إلى قول مانِي، ويقول بالنور والظلمة، من أهل البصرة، فأمر بحملهم إليه بعد أن سُمُّوا واحداً واحداً، فلما جًمِعُوا نظر إليهم طُفَيْلي فقال: ما اجتمع هؤلاء إلا لصنيع، فدخل في وَسَطهم، ومضى معهم، وهو لا يعلم بشأنهم، حتى صار بهم الموكلون إلى السفينة، فقال الطفيلي: نزهة لا شك فيها، فدخل معهم السفينة، فما كان بأسرع من أن جيء بالقًيُود، فقيد القوم والطفيلي معهم، فقال الطفيلي: بلغ أمر تطفيلي إلى القيود، ثم أقبل على الشيوخ فقال: فَدَيْتكم أيش أنتم. قالوا: بل أيش أنت. ومن أنت من إخواننا. والله ما أثري غير أني واللّه رجل طفيلي خرجت في هذا اليوم من منزلي فلقيتكم فرأيت منظراً جميلاً وعَوَارِضَ حسنة وبزة ونعمة فقلت: شيوخ وكهول وشَبَابٌ جمعوا لوليمة، فدخلت في وسطكم، وحاذبت بعضكم كأني في جملة أحدكم، فصرتم إلى هذا الزورق، فرأيته قد فُرِش بهذا الفرش ومهد ورأيت سفراً مملوءة وجُرُباً وسلالاً، فقلت: نزهة يمضون إليها إلى بعض القصور والبساتين، إن هذا اليوم مبارك، فابتهجت سروراً، إذ جاء هذا الموكل بكم فقيدكم وقيدني معكم، فورد علي ما قد أزال عقلي، فأخبروني ما الخبر، فضحكوا منه وتبسموا وفرحوا به وسُرُّوا، ثم قالوا: الآن قد حصلت في الِإحصاء، وأوثقت في الحديد، وأما نحن فمانية غُمز بنا إلى المأمون، وسندخل إليه، ويسائلنا عن أحوالنا، ويستكشفنا عن مذهبنا، ويدعونا إلى التوبة والرجوع عنه بامتحاننا بضروب من المحن: منها إظهار صورة ماني لنا، ويأمرنا أن نَتْفُلَ عليها، ونتبرأ منها، ويأمرنا بذبح طائر ماء، وهو الحُّرَّاج، فمن أجابه إلى ذلك نجا، ومن تخلف عنه قتل، فإذا دعيت وامتحنت فأخبر عن نفسك واعتقادك على حسب ما تؤدِّيك الدلالة إلى القول به، وأنت زعمت أنك طفيلي، والطفيلي يكون معه مدَاخلات وأخبار، فاقْطَعَ سَفَرَنا هذا إلى مدينة بغداد بشيء من الحديث وأيام الناس، فلما وصلوا إلى بغداد وأدخلوا على المأمون جعل يدعو بأسمائهم رجلاً رجلًا فيسأله عن مذهبه، فيخبره بالِإسلام، فيمتحنه ويدعوه إلى البراءة من ماني ويظهر له صورته، ويأمره أن يَتْفُلَ عليها والبراءة منها، وغير ذلك، فيأبون، فيمرهم على السيف، حتى بلغ إلى الطفيلي بعد فراغه من العشرة، وقد استوعبوا عدة القوم، فقال المأمون للموكلين: مَنْ هذا. قالوا: واللّه ما ندري، غير أنا وجدناه مع القوم فجئنا به، فقال له المأمون: ما خبرك. قال: يا أمير المؤمنين، امرأتي طالق إن كنت أعرف من أقوالهم شيئاً، وإنما أنا رجل طفيلي، وقَصَ عليه خبره من أوله إلى آخره، فضحك المأمون، ثم أظهر له الصورة، فلعنها وتبرأ منها، وقال: أعطونيهَا حتى أسْلَحَ عليها، واللّه ما أدري ما ماني: أيهودياً كان أم مُسْلماً، فقال المأمون: يؤدَّبُ على فرط تطفله ومخاطرته بنفسه.

 إبراهيم بن المهدي يتطفل

 وكان إبراهيم بن المهدي قائماً بين يدي المأمون، فقال: يا أمير المؤمنين، هَبْ لي ذنبه وأحدثك بحديث عجب في التطفيل عن نفسي، قال: قل يا إبراهيم.
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق