إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 28 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 537



( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 537


   
       
  أذمُّ لـك الأيامَ فـي ذات بـينـنـــا                      وما للَيَالي في الـذي بـينـنـا عُـذْرُ
  إذا لم يكن بـين الـمـحـبـين زَوْرَة                      سوى ذكر شيء قد مضى درَسَ الفكر

 قال أبو دلف: ما أحسن ما قال يا أمير المؤمنين هذا السيد الهاشمي والملك العباسي، قال: وكيف أدَتْكَ الفطنة، ولم تداخلك الظنَة، حتى تحقّقْتَ أني صاحبهما، ولم يداخلك الشك فيهما، قال: يا أمير المؤمنين، إنما الشعر بساط صوف، فعن خَلَط الشعر بنقيِّ الصوف ظهر رونقه عند التصنيف، ونار ضوءه عند التأليف.

 من كلمات المأمون

 وكان المأمون يقول: يغتفر كل شيء إلا القَدْح في الملك، وإفشاء السر، والتعرض للحرم.
 وقال المأمون: أخرِ الحرب ما استطعت، فإن لم تجد منها بداً فاجعلها في آخر النهار.
 وذكر أنه من كلام أنوشروان.
 وكان المأمون يقول: أعْيَتِ الحيلة في الأمر إذا أقبل أن يُدْبر، وإذا، أدبر أن يُقْبل.
 ولما تأتى الملك للمأمون وخلص قال: هذا جسيم لولا أنه عديم، وهذا ملك لولا أنه بعده هُلْك، وهذا سرور لولا أنه غرور، وهذا يوم لو كان يوثق بما بعده.
 وكان المأمون يقول: البشر مَنْظَرٌ مُونق، وخَلْقٌ مشرق، وزارع للقلوب، وحلٌّ مألوف، وفضل منتشر، وثناء بسيط، وتحَف للأحرار، وفَرْعٌ رحيب، وأول الحسنات، وذريعة إلى الجاه، وأحمد للشِّيَم، وباب لرضا العامة، ومفتاح لمحبة القلوب.
 وكان المأمون يقول: سادة الناس في الدنيا الأسْخِياء، وفي الآخرة الأنبياء وإن الرزق الواسع لمن لا يستمتع به بمنزلة طعام على ميزاب البخل، لو كان طريقاً ما سلكته، ولو كان قميصاً ما لبسته.
 وحضر المأمون إملاكاًً لبعض أهل بيته، فسأله بعض مَنْ حضر أن يخطب، فقال: الحمد للّه، الحمد اللّه، والصلاة على المصطفى رسول اللّه، وخَيْرُ ما عُمِلَ به كتابُ اللّه، قال اللّه تعالى:  وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم، إن يكونوا فقَرَاء يُغْنِهم اللّه مِن فضله، واللّه واسع عليم  ولو لم يكن في المناكحة آية محكمة ولا سنة مُتّبعة إلا ما جعل اللّه في ذلك من تأليف البعيد والقريب لَسَارَعَ إليه الموفَّقُ المصيب، وبادر إليه العاقل النجيب، وفلان مَنْ قد عرفتموه في نسب لم تجهلوه، خَطَب إليكم فتاتكم فلانة، وبذل لها من الصداق كذا وكذا، فشفّعوا شافعنا، وأنكحوا خاطبنا، وقولوا خيراً تحمدوا عليه وتؤجَرُوا، أقول قولي هذا وأستغفر اللّه لي ولكم.

 بين ثمامة ويحيى بن أكثم عند المأمون

 وذكر ثُمَامَةُ بن أشْرَسَ قال: كنا يوماً عند المأمون، فدخل يحيى بن أكثم- وكان قد ثقل عليه موضعي منه- فتذاكرنا شيئاً من الفقه، فقال يحيى في مسألة دارت: هذا قول عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وابن عمر وجابر، قلت: أخطأوا كلهم، وأغفلوا وجه الدلالة، فاستعظم مني ذلك يحيى وأكبره، وقال: يا أمير المؤمنين، إن هذا يخطِّئ أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كلهم، فقال المأمون: سبحان اللّه أكذا يا ثُمَامة. قلت: يا أمير المؤمنين، إن هذا لا يبالي ما قاله ولا ما شَنَّع به، ثم أقبلت عليه فقلت: ألست تزعم أن الحق في واحد عند اللّه عزّ وجلّ. قال: نعم، قلت: فزعمت أن تسعة أخطأوا وأصاب العاشر، وقلت أنا: أخطأ العاشر، فما أنكرت. قال: فنظر المأمون إلي وتبسمَ، وقال: لم يعلم أبو محمد أنك تجيب هذا الجواب، قال يحيى: وكيف ذلك. قلت: ألست تقول: إن الحق في واحد. قال: بلى، قلت: فهل يخلِي اللّه عزّ وجلّ هذا الحق من قائل يقول به من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم. قال: لا، قلت: أفليس من يخالفه ولم يقل به فقد أخطأ عندك الحق. قال: نعم، قلت: فقد دخلت فيما عِبْتَ، وقلت بما أنكرت وبه شنعت، وأنا أوضح دلالة منك، لأني خطأتهم في الظاهر، وكل مصيب عند اللّه الحق، وإنما خطأتهم عند الخلاف، وأدَّتْنِى الدلالة إلى قول بعضهم، فخطأت من خالفني، وأنت خطأت من خالفك في الظاهر وعند اللّه عزّ وجلّ.

 وفد الكوفة والمأمون
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق