322
حسْن المُحاضرة في تاريخ مصْر والقاهرَة
ذكر من كان بمصر من الأئمة المجتهدين
الذهبي في العبر: انتهت إليه معرفة المذهب، مع الزهد والورع، وبلغ رتبة الاجتهاد، وقدم مصر، فأقام بها أكثر من عشرين سنة؛ ناشرا العلم، آمرا بالمعروف، ناهيا للمنكر، يغلظ على الملوك فمن دونهم. ولما دخل مصر بالغ الشيخ زكي الدين المنذري في الأدب معه، وامتنع من الإفتاء لأجله، وقال: كنا نفتي قبل حضوره، وأما بعد حضوره فمنصب الفتيا متعين فيه. وألقى التفسير بمصر دروسا. وهو أول من فعل ذلك.
وله من المصنفات: تفسير القرآن، ومجاز الفرسان، والفتاوي الموصلية، ومختصر النهاية، وشجرة المعارف، والقواعد الكبرى والصغرى، وبيان أحوال الناس يوم القيامة.
وله كرامات كثيرة، ولبس خرقة التصوف من الشهاب السهروردي. وكان يحضر عند الشيخ أبي الحسن الشاذلي: قيل لي: ما على وجه الأرض مجلس في الفقه أبهى من مجلس الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وما على وجه الأرض مجلس في الحديث أبهى من مجلس الشيخ زكي الدين عبد العظيم، وما على وجه الأرض مجلس في علم الحقائق أبهى من مجلسك!
وقال ابن كثير في تاريخه: انتهت إليه رياسة المذهب، وقصد بالفتاوي من الآفاق، ثم كان في آخر عمره لا يتقيد بالمذهب، بل اتسع نطاقه، وأفتى بما أدى إليه اجتهاده. وقال تلميذه ابن دقيق العيد: كان ابن عبد السلام أحد سلاطين العلماء.
وقال الشيخ جمال الدين بن الحاجب: ابن عبد السلام أفقه من الغزالي. وحكى القاضي عز الدين البكاري أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام أفتى مرة بشيء، ثم ظهر له أنه أخطأ، فنادى في مصر والقاهرة على نفسه: من أفتى له ابن عبد السلام بكذا، فلا يعمل به،
فإنه خطأ. قال القطب اليونيني: وكان مع شدته وصلابته حسن المحاضرة بالنوادر والأشعار، يحضر السماع ويرقص فيه.
وقال ابن كثير: كان لطيفا يستشهد بالأشعار، توفي بمصر عاشر جمادى الأولى سنة ستين وستمائة (1) .
69- القرافي العلامة شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن الصنهاجي البهنسي المصري. أحد الأعلام. انتهت إليه رياسة المالكية في عصره، وبرع في الفقه وأصوله والعلوم العقلية، ولازم الشيخ عز الدين بن عبد السلام الشافعي، وأخذ عنه أكثر فنونه، وألف التصانيف الشهيرة كالذخيرة والقواعد وشرح المحصول والتنقيح في الأصول وشرحه وغير ذلك. قال القاضي تقي الدين بن شكر: أجمع المالكية والشافعية على أن أفضل عصرنا بالديار المصرية ثلاثة: القرافي، وناصر الدين بن المنير وابن دقيق العيد. مات في جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين وستمائة ودفن بالقرافة (2) .
70- ابن المنير العلامة ناصر الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن منصور الجذامي الإسكندراني. أحد الأئمة المتبحرين في العلوم من التفسير والفقه والأصلين والنظر والعربية والبلاغة والأنساب. أخذ عن جماعة منهم ابن الحاجب. وكان الشيخ عز الدين بن عبد السلام يقول: الديار المصرية تفتخر برجلين في طرفيها: ابن دقيق العيد بقوص وابن المنير بالإسكندرية. ومن تصانيفه تفسير القرآن والانتصاف من الكشاف وأسرار الإسراء، ومناسبات تراجم البخاري، ومختصر التهذيب في الفقه. ولد سنة عشرين
_________
(1) البداية والنهاية لابن كثير 13: 235.
(2) الديباج المذهب 62.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق