إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 8 أكتوبر 2014

1925 موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية للدكتور عبد الوهاب المسيري المجلد السادس: الصهيــونيــــة الجزء الأول: إشكاليات وموضوعات أساسية الباب الرابع: وضع العقد موضع التنفيذ لجنــــة كينـــج ـ كريــن King-Crane Commission


1925

موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية

للدكتور عبد الوهاب المسيري

المجلد السادس: الصهيــونيــــة

الجزء الأول: إشكاليات وموضوعات أساسية

الباب الرابع: وضع العقد موضع التنفيذ

لجنــــة كينـــج ـ كريــن

King-Crane Commission

في سياق تصفية تركة الحرب العالمية الأولى بتقسيم مناطق النفوذ في العالم بين البلدان الاستعمارية المنتصرة، وانطلاقاً من رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في استثمار تضارب المصالح بين فرنسا وبريطانيا لإيجاد موطئ قدم في المنطقة العربية، اقترح الرئيس الأمريكي ويلسون في مارس 1919 على المجلس الأعلى لمؤتمر الصلح بين دول الحلفاء (أمريكا ـ بريطانيا ـ فرنسا ـ إيطاليا) إرسال لجنة تحقيق للوقوف على رغبات المواطنين في فلسطين وسوريا ولبنان وشرق الأردن تمهيداً لتقرير مصير المنطقة. ورغم التصديق على الاقتراح، فقد امتنعت فرنسا وبريطانيا عن الاشتراك في اللجنة لعلمهما بأن نتائج التحقيق لن تكون في صالحهما، ولذا فقد اقتصرت اللجنة على العضوين الأمريكيين اللذين سُميِّت اللجنة باسميهما وهما: هنري كينج وتشارلز كرين بالإضافة إلى بعض المستشارين.

اطلعت اللجنة على المذكرة التي قدمتها المنظمة الصهيونية العالمية للمؤتمر في فبراير 1919، والتي تضمنت مطالب الحركة الصهيونية المتمثلة في الاعتراف بما يُسمَّى «الحقوق التاريخية للشعب اليهودي» في فلسطين، وحق اليهود في إقامة "وطن قومي" لهم، كما اطلعت على المذكرات المماثلة التي قدمها الفلسطينيون للمؤتمر، ومنها: مذكرة الاحتجاج التي بعث بها وجهاء وأعيان مدينة نابلس في يناير 1919، والمذكرة التي قدمها المؤتمر العربي الفلسطيني الأول في الشهر نفسه. وقد شددت المذكرات العربية على رفض المطالب الصهيونية وعلى أن فلسطين جزء لا يتجزأ من سوريا.

وفي العاشر من يونيه 1919، بدأت اللجنة عملها في يافا فالتقت بالجمعيات الشعبية فيها وممثلي الطوائف الدينية ومندوبي القرى، واستمعت إلى مطالبهم. وفي القدس، التقت اللجنة بممثلي الجمعية الإسلامية ـ المسيحية الذين أكدوا رفض الهجرة اليهودية إلى فلسطين لأنها ترمي إلى تحقيق المشروع الصهيوني بإقامة وطن قومي لليهود، كما أكدوا وحدة سوريا وفلسطين مع احتفاظ الأخيرة باستقلالها الداخلي وحريتها في انتخاب حكامها من الوطنيين وسن قوانينها وفقاً لرغبات السكان.

وواصلت اللجنة جولتها في المدن والقرى الفلسطينية حيث تعرفت على مواقف مختلف الأطراف، ثم سافرت إلى دمشق وأجرت فيها استفتاء شمل العلماء وممثلي الطوائف والحرف وممثلي مجلس الشورى وغيرهم، وتسلَّمت مذكرة من المؤتمر السوري العام تضمَّنت المطالب العربية الأساسية، كما انتقلت اللجنة إلى شرق الأردن وبيروت واطلعت على آراء السكان هناك. ثم توجَّهت بعد ذلك إلى الأستانة حيث عكفت على دراسة المذكرات والوثائق التي تلقتها وبلغت 1863 مذكرة، وانتهت من وضع تقريرها في أغسطس 1919 (ولكنه لم يُنشَر إلا بشكل موجز عام 1922، ولم يُنشَر رسمياً إلا عام 1947).

وذكرت اللجنة في تقريرها أن العداء للصهيونية لا يقتصر على فلسطين فحسب بل يشمل المنطقة كلها، وأن هناك إجماعاً على رفض البرنامج الصهيوني تماماً، وأضافت أن اليهود ـ الذين يشكلون نحو 10% من سكان فلسطين ـ هم وحدهم الذين يؤيدون الصهيونية وإن كانوا يختلفون في بعض التفاصيل والوسائل المتعلقة بإقامة الدولة اليهودية ومدى تَوافُقها مع تعاليم الدين اليهودي، كما أنهم وحدهم الذين يطالبون بفرض الانتداب البريطاني على فلسـطين لأنه سـيساعدهم على تحقيق مشـروعهم. واعترفت اللجنة بأنها لمست بوضوح إصرار الصهاينة على تهجير الفلسطينيين والاستيلاء على الأراضي بالقوة. ووصف التقرير المزاعم الصهيونية بشأن "الحقوق التاريخية" لليهود في فلسطين بأنها لا تستوجب الاكتراث ولا يمكن النظر إليها جدياً بعين الاعتبار. وبيَّنت اللجنة ما في تعهدات وعد بلفور من ازدواجية وتناقض إذ "لا يمكن إقامة دولة يهودية دون هَضْم خطير للحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية في فلسطين". وكانت أهم توصيات اللجنة:

1 ـ ضرورة تحديد الهجرة اليهودية إلى فلسطين والعدول نهائياً عن الخطة الرامية إلى جعلها دولة يهودية.

2 ـ ضم فلسطين إلى دولة سوريا المتحدة لتكون قسماً منها.

3 ـ وضع الأماكن المقدَّسة في فلسطين تحت إدارة لجنة دولية تشرف عليها الدولة المنتدبة وعصبة الأمم، ويمثِّل اليهود فيها بعضو واحد.

وقد قوبل تقرير اللجنة بالرفض التام من جانب فرنسا وبريطانيا والحركة الصهيونية. أما الولايات المتحدة ـ التي كان رئيسها صاحب فكرة إرسال اللجنة ـ فلم تُعر انتباهاً هي الأخرى لتوصيات اللجنة، رغم ما نص عليه تقريرها من أن المشروع الصهيوني يناقض مبدأ الرئيس ويلسون بشأن حرية الشعوب في تقرير مصيرها. وإذا وضعنا في الاعتبار أن ويلسون نفسه كان قد وافق على تصريح بلفور قبل إعلانه، فستتضح على الفور حقيقة الموقف الأمريكي وحقيقة أن تلك المبادئ لم تكن في الواقع إلا ستاراً للمصالح الاستعمارية.



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق