إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 11 فبراير 2013

98 تاريخ الخلفاء ( السيوطي ) القائم بأمر الله أبو جعفر




98


تاريخ الخلفاء ( السيوطي )

القائم بأمر الله أبو جعفر

القائم بأمر الله أبو جعفر عبدالله بن القادر ولد في نصف ذى القعدة سنة إحدى وتسعين وثلثمائة وأمه أم ولد أرمنية اسمها بدر الدجى وقيل قطر الندى ولى الخلافة عند موت أبيه في يوم الإثنين الحادى عشر من ذى الحجة سنة اثنتين وعشرين وكان ولى عهده في الحياة وهو الذي لقبه بالقائم بأمر الله قال ابن الأثير كان جميلا مليح الوجه أبيض مشربا حمرة حسن الجسم ورعا دينا زاهدا عالما قوى اليقين بالله تعالى كثير الصدقة والصبر له عناية بالأدب ومعرفة حسنة بالكتابة مؤثرا للعدل والإحسان وقضاء الحوائج لا يرى المنع من شىء طلب منه قال الخطيب ولم يزل أمر القائم بأمر بالله مستقيما إلى ان قبض عليه في سنة خمسين وأربعمائة وكان السبب في ذلك أن ارسلان التركى المعروف بالبساسيرى كان قد عظم أمره واستفحل شأنه لعدم نظرائه وانتشر ذكره وتهيبته امراء العرب والعجم ودعى له على المنابر وجبى الأموال وخرب القرى ولم يكن القائم يقطع أمرا دونه ثم صح عنده سوء عقيدته وبلغه انه عزم على نهب دار الخلافة والقبض على الخليفة فكاتب الخليفة ابا طالب محمد ابن مكيال سلطان الغز المعروف بطغرلبك وهو بالرى يستنهضه في القدوم ثم احرقت دار البساسيرى وقدم طغرلبك في سنة سبع وأربعين فذهب البساسيرى إلى الرحبة وتلاحق به خلق من الأتراك وكاتب صاحب مصر فأمده بالأموال وكاتب تبال أخا طغرلبك واطمعه بمنصب أخيه فخرج تبال واشتغل به طغرلبك ثم قدم البساسيرى بغداد في سنة خمسين ومعه الرايات المصرية ووقع القتال بينه وبين الخليفة ودعى لصاحب مصر المستنصر بجامع المنصور وزيد في الأذان حى على خير العمل ثم خطب له في كل الجوامع إلا جامع الخليفة ودام القتال شهرا ثم قبص البساسيرى على الخليفة في ذى الحجة وسيره إلى غابة وحبسه بها واما طغرلبك فظفر بأخيه وقتله ثم كاتب متولى غابة في رد الخليفة إلى داره مكرما فحصل الخليفة في مقر عزة في الخامس والعشرين من ذى القعدة سنة إحدى وخمسين ودخل بأبهة عظيمة والأمراء والحجاب بين يديه وجهز طغرلبك جيشا فحاربوا البساسيرى فظفروا به فقتل وحمل رأسه إلى بغداد ولما رجع الخليفة إلى داره لم ينم بعدها إلا على فراش مصلاه ولزم الصيام والقيام وعفا عن كل من آذاه ولم يسترد شيئا مما نهب من قصره إلا بالثمن وقال هذه أشياء احتسبناها عند الله ولم يضع رأسه بعدها على مخدة ولما نهب قصره لم يوجد فيه شىء من آلات الملاهى وروى انه لما سجنه البساسيرى كتب قصته وأنفذها إلى مكة فعلقت في الكعبة فيها إلى الله العظيم من المسكين عبده اللهم إنك العالم بالسرائر المطلع على الضمائر اللهم إنك غنى بعلمك وإطلاعك على خلقك عن إعلامى هذا عبد قد كفر نعمك وما شكرها وألغى العواقب وما ذكرها اضغاه حلمك حتى تعدى علينا بغيا وأساء إلينا عتوا وعدوا اللهم قل الناصر واعتز الظالم وأنت المطلع العالم المنصف الحاكم بك نعتز عليه وإليك نهرب من بين يديه فقد تعزز علينا بالمخلوقين ونحن نعتز بك وقد حاكمناه إليك وتوكلنا في أنصافنا منه عليك ورفعنا ظلامتنا هذه إلى حرمك ووثقنا في كشفها بكرمك فاحكم بيننا بالحق وانت خير الحاكمين وفي سنة ثمان وعشرين مات الظاهر العبيدي صاحب مصر واقيم ابنه المستنصر بعده وهو ابن سبع سنين فأقام في الخلافة ستين سنة وأربعة اشهر قال الذهبى ولا أعلم احدا في الإسلام لا خليفة ولا سلطانا أقام هذه المدة وفي أيامه كان الغلاء بمصر الذى ما عهد مثله منذ زمان يوسف فأقام سبع سنين حتى اكل الناس بعضهم بعضا وحتى قيل أنه بيع رغيف بخمسين دينارا بالمغرب وخطب لبنى العباس وفي سنة إحدى وخمسين كان عقد الصلح بين السلطان إبراهيم بن مسعود وفي سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة قطع المعز بن باديس الخطبة للعبيدي ابن محمود بن سبكتكين صاحب غزنة وبين السلطان جفرى بك بن سلجوق أخى طغرلبك صاحب خراسان بعد حروب كثيرة ثم مات جغرى بك في السنة واقيم مكانه ابنه ألب ارسلان وفي سنة اربع وخمسين زوج الخليفة ابنته لطغرلبك بعد أن دافع بكل ممكن وانزعج واستعفى ثم لان لذلك برغم منه وهذا أمر لم ينله احد من ملوك بنى بويه مع قهرهم الخلفاء وتحكمهم فيهم قلت والآن زوج خليفة عصرنا ابنته من واحد من مماليك السلطان فضلا عن السلطان فإنا الله وإنا إليه راجعون ثم قدم طغرلبك في سنة خمس وخمسين فدخل بابنة الخليفة واعاد المواريث والمكوس وضمن بغداد بمائة وخمسين الف دينار ثم رجع إلى الرى فمات بها في رمضان فلا عفا الله عنه وأقيم في السلطنة بعده ابن اخيه عضد الدولة الب أرسلان صاحب خراسان وبعث إليه القائم بالخلع والتقليد قال الذهبى وهو أول من ذكر بالسلطان على منابر بغداد وبلغ ما لم يبلغه أحد من الملوك وافتتح بلادا كثيرة من بلاد النصارى واستوزر نظام الملك فأبطل ما كان عليه الوزير قبله عميد الملك من سب الشعرية وانتصر للشافعية واكرم إمام الحرمين وأبا القاسم القشيرى وبنى النظامية قيل وهى اول مدرسة بنيت للفقهاء وفي سنة ثمان وخمسين ولدت بباب الأزج صغيرة لها رأسان ووجهان ورقبتان على بدن واحدد وفيها ظهر كوكب كأنه دارة القمر ليلة تمامه بشعاع عظيم وهال الناس ذلك وأقام عشر ليال ثم تناقص ضوؤه وغاب وفي سنة تسع وخمسين فرغت المدرسة النظامية ببغداد وقرر لتدريسها الشيخ أبو أسحاق الشيرازى فاجتمع الناس فلم يحضر واختفى فدرس ابن الصباغ صاحب الشامل ثم تلطفوا بالشيخ ابى إسحاق حتى اجاب ودرس وفي سنة ستين كانت بالرملة الزلزلة الهائلة التى خربتها حتى طلع الماء من رؤس الأبار وهلك من أهلها خمسة وعشرون الفا وابعد البحر عن ساحله مسيرة يوم فنزل الناس إلى ارضه يلتقطون السمك فرجع الماء عليهم فأهلكهم وفي سنة إحدى وستين احترق جامع دمشق وزالت محاسنه وتشوه منظره وذهبت سقوفه المذهبة وفي سنة اثنتين وستين ورد رسول امير مكة على السلطان الب ارسلان بأنه اقام الخطبة العباسية وقطع خطبة المستنصر المصري وترك الأذان بحى على خير العمل فأعطاه السلطان ثلاثين الف دينار وخلعا وسبب ذلك ذلة المصريين بالقحط المفرط سنين متوالية حتى اكل الناس الناس وبلغ الإردب مائة دينار وبيع الكلب بخمسة دنانير والهر بثلاث دنانير وحكى صاحب المرآة أن امرأة خرجت من القاهرة ومعها مد جوهر فقالت من يأخذه بمد بر فلم يلتفت إليها احد وقال بعضهم يهنىء القائم وقد علم المصرى ان جنودهسنو يوسف فيها وطاعون عمواس أقامت به حتى استراب بنفسه وأوجس منها خيفة أي إيجاس وفي سنة ثلاث وستين خطب بحلب للقائم للسلطان الب ارسلان لما رأوا قوة دولتهما وإدبار دولة المنتصر وفيها كانت وقعة عظيمة بين الإسلام والروم ونصر المسلمون ولله الحمد ومقدمه السلطان ألب أرسلان واسر ملك الروم ثم أطلقه بمال جزيل وهادنه خمسين سنة ولما أطلق قال للسلطان اين جهة الخليفة فأشار له فكشف رأسه وأومأ إلى الجهة بالخدمة وفي سنة اربع وستين كان الوباء في الغنم إلى الغاية وفي سنة خمس وستين قتل السلطان الب أرسلان وقام في الملك بعده ولده ملكشاه ولقب جلال الدولة ورد تدبير الملك إلى نظام الملك ولقبه الأتابك وهو أول من لقبه ومعناه الأمير الوالد وفيها اشتد الغلاء بمصر حتى أكلت امرأة رغيفا بألف دينار وكثر الوباء إلى الغاية وفي سنة ست وستين كان الغرق العظيم ببغداد وزادت دجلة ثلاثين ذراعا ولم يقع مثل ذلك قط وهلكت الأموال والأنفس والدواب وركبت الناس في السفن وأقيمت الجمعة في الطيار على وجه الماء مرتين وقام الخليفة يتضرع إلى الله وصارت بغداد ملقة واحدة وانهدم مائة الف دار أو أكثر وفي سنة سبع وستين مات الخليفة القائم بأمر الله ليلة الخميس الثالث عشر من شعبان وذلك أنه افتصد ونام فانحل موضع الفصد وخرج منه دم كثير فاستيقظ وقد انحلت قوته فطلب حفيده ولى العهد عبدالله بن محمد ووصاه ثم توفى ومدة خلافته خمس وأربعون سنة مات في أيامه من الأعلام أبو بكر البرقانى وأبو الفضل الفلكى والثعلبى المفسر والقدورى شيخ الحنفية وابن سينا شيخ الفلاسفة ومهيار الشاعر وأبو نعيم صاحب الحلية وأبو زيد الدبوسى والبرادعى المالكى صاحب التهذيب وأبو الحسين البصرى المعتزلى ومكى صاحب الإعراب والشيخ ابو محمد الجوينى والمهدوى صاحب التفسير والإفليلى والثمانيني وأبو عمرو الدانى والخليل صاحب الإرشاد وسليم الرازى وأبو العلاء المعري وأبو عثمان الصابونى وابن بطال شارح البخاري والقاضى أبو الطيب الطبري وابن شيطا المقرىء والماوردى الشافعى وابن باب شاذ والقضاعى صاحب الشهاب وابن برهان النحوى وابن حزم الظاهرى والبيهقى وابن سيده صاحب المحكم وأبو يعلى بن الفراء شيخ الحنابله والحضرمى من الشافعية والهذلى صاحب الكامل في القراءات والفريابي

 
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق