إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 28 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 557 ذكر خلافة المعتصم


( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 557


 ذكر خلافة المعتصم
 
  وبويع المعتصمُ في اليوم الذي كانت فيه وفاة المأمون على عين الديدون، وهو يوم الخميس لثلاثَ عَشَرَةَ ليلةً بَقِيتْ من رجب سنة ثمان عشرة ومائتين، واسمه محمد بن هارون، ويكنى أبا إسحاق، وكان بينه وبين العباس بن المأمون في ذلك الوقت تنازع في المجلس، ثم إنقاد العباسُ إلى بيعته، والمعتصم يومئِذٍ ابن ثمان وثلاثين سنة وشهرين، وأُمه يُقال لها ماردة بنت شبيب، وقيل: إنه بويع سنة تسع عشرة ومائتين، وتوفي بسُرَّ مَنْ رأى سنة سبع وعشرين، وهو ابن ست وأربعين سنة وعشرة أشهر، فكانت خلافته ثمان سنين وثمانية أشهر، وقبره بالجَوْسَقِ بُسَّر مَنْ رأى على ما ذكرنا.

 ذكر جمل من أخباره وسيره

 ولمع مما كان في أيامه

 ابن الزيات وزير المعتصم

 وأحمد بن أبي دؤاد


 واسْتَوْزَرَ المعتصمُ محمدَ بن عبد الملك إلى آخر أيامه، وغلب عليه أحمد بن أبي دؤُاد، ولم يزل محمد بن عبد الملك في أيام المعتصم والواثق إلى أن ولي المتوكل، وكان في نفسه عليه شيء، فقتله، وسنذكر لمعاً من خبر مقتله فيما يرد من هذا الكتاب في أخبار المتوكل، وإن كنا قد أتينا على ذلك ملخصاً في الكتاب الأوسط.

 حب المعتصم للعمارة

 وكان المعتصم يحب العمارة، ويقول: إن فيها أموراً محمودة، فأولها عمران الأرض التي يحيى بها العالم، وعليها يزكو الخراج، وتكثر الأموال، وتعيش البهائم، وترخص الأسعار، ويكثر الكسب، ويتسع المعاش، وكان يقول لوزيره محمد بن عبد الملك: إذا وجدت موضعاً متى أنفقت فيه عشرة دراهم جاءني بعد سنة أحد عشر درهماً فلا تؤامرني فيه
 بأس المعتصم وقوته
 وكان المعتصم ذا بأس وشدة في جسمه، وشجاعة في قلبه، فذكر أحمد بن أبي دُؤَاد- وكان به أنساً- قال: لما أنكر المعتصم نفسه وقوته دخلت عليه يوماً وعنده ابن ماسويه، فقال المعتصم فقال لي: لا تبرح حتى أخرج إليه، فقلت ليحيى بن ماسويه: ويحك إني أرى أمير المؤمنين قد حال لونه، ونقصت قوته، وذهبت سَوْرَته، فكيف تراه أنت. قال: هو واللهّ زبرة من زُبَرِ الحديد، إلا أن في يديه فأساً يضرب بها تلك الزبرة، فقلت: وكيف ذاك. قال: كان قبل ذلك إذا أكل السمك اتخذ له صباغاً من الخل والكراويا والكمون والسذاب والكرفس والخردل والمجوز فأكله بذلك الصباغ، يدفع أذى السمك وأضراره بالعصب، وإذا أكل الرؤوس اتخذت له أصباغ تدفع أذاها وتلطفها، وكان في أكثر أموره يلطف غذاءه ويكثر مشورتي، فصار اليوم إذا أنكرت عليه شيئاً خالفني، وقال: آكل هذا على رغم أنف ابن ماسويه فما أقدر أن أصنع، قال: وهو خلف الستر يسمع ما نحن فيه، فقلت: ويلك يا أبا يحيى أدخل أصبعك في عينيه، قال: جعلت فداك، ما أقْدِرُ أرُده ولا أجترئ عليه في خلاف، فلما فرغ من كلامه خرج علينا المعتصم، فقال لي: ما الذي كنت فيه مع ابن ماسويه. قلت: ناظرته يا أمير المؤمنين في لونك الذي أراه حائلاً، وفي قلة طعمك الذي قد هَدَّ جوارحي وَأنْحَلَ جسمي، قال: فما قال لك. قلت: شكا أنك كنت تقبل منه ما يشير به عليك وكنت ترى في ذلك على ما يحب، وأنك الآن تخالفه، قال: فما قلت له أنت. قال: فجعلت أصرف الكلام، قال: فضحك وقال: هذا بعد ما دخل في عيني أو قبل ذلك. قال: فَارْفَضَضْتُ عَرَقاً، وعلمت أنه قد سمع ما كنا فيه، ورأى ما قد داخلني، فقال: يغفر اللهّ لك يا أحمد، لقد فرحت بما ظننت أنه أحزنك إذ سمعته وعلمت أنه نوع من أنواع الانبساط والأنس.

 المعتصم وعلي بن الجنيد
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق