إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 28 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 546 وفاة الِإمام الشافعي


( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 546


 وفاة الِإمام الشافعي
 
  وفي خلافة المأمون كانت وفاة أبي عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبد الله بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف الشافعي، في رجب ليلة الجمعة، وذلك سنة أربع ومائتين، ودفن صبيحة الليلة، وِهو ابن أربع وخمسين سنة، وصلى عليه السري بن الحكم أميرُ مصر يومئذَ، كذلك ذكر عكرمة بن محمد بن بشر عن الربيع بن سليمان المؤذن، وذكر أيضاً محمد بن سفيان بن سعيد المؤذن وغيرهما عن الربيع بن سليمان مثل ذلك، ودفن الشافعي بمصر بحومة قبور الشهداء في مقبرة بني عبد الحكم، وبين قبورهم وعند رأسه عمود من الحجر كبير، وكذلك عند رجليه، وعلى العالي الذي عند رأسه حفر قد كتب فيه في ذلك الحجر هذا قبر محمد بن إدريس الشافعي أمين الله وما ذكرنا فمشهور بمصر، والشافعي يتفق نسبه مع بني هاشم وبني أمية في عبد مناف، لأنه من ولد المطلب بن عبد مناف، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:  نحن وبنو المطلب كهاتين  وأشار بإصبعيه مضمومتين، وقد كانت قريش حاصَرَتْ بني المطلب مع بني هاشم في الشِّعْبِ.
 وحدثني فقير بن مسكين عن المزني بهذا، وكان فقير يحدث عن المزني، وكان سماعنا من فقير بن مسكين بمدينة أسوان بصعيد مصر، قال: قال المزني: دخلت على الشافعي غداة وفاته، فقلت له: كيف أصبحت يا أبا عبد اللّه. قال: أصبحت من الدنيا رَاحِلاً، ولإخواني مفارقاً، وبكأس المنية شارباً، ولا أدري إلى الجنة تصير روحي فأهنيها أم إلى النار فأعزيها، وأنشأ يقول:         
  ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي                      جَعَلْتُ الرجا مني لعفوك سُلّما
  تَعَاظَمَنِي ذنبي فلما قـرنـتـه                      بعفوك ربي كان عفوك أعظما
 وفاة أبي داود الطيالسي وابن الكلبي
 وفي هذه السنة التي مات فيها الشافعي- وهي سنة أربع ومائتين- مات أبو داود سليمان بن داود الطيالسي، وهو ابن إحدى وتسعين سنة، وفيها مات هشام بن محمد بن السائب الكلبي.
 وادَّعى رجل النبوة بالبصرة أيام المأمون، فحمل إليه مُوثَقاً بالحديد، فمثل بين يديه، فقال له: أنت نبي مرسل. قال: أما الساعة فأنا مُوثَقٌ، قال: ويلك مَنْ غرك. قال: أبهذا تُخَاطَبُ الأنبياء. أما واللّه لولا أني مُوثَقٌ لأمرت جبريل أن يُدمْدِمها عليكم؛ قال له المأمون: والموثَقَ لا تجَاب له دعوة. قال: الأنبياء خاصة إذا قُيدَتْ لا يرتفع دعاؤها، فضحك المأمون، وقال: من قيدك. قال: هذا الذي بين يديك، قال: فنحن نطلقك وتأمر جبريل أن يدمدمها، فإن أطاعك آمنَا بك وصدقناك، فقال: صدق اللّه إذ يقول:  فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم  . إن شئت فافعل، فأمر بإطلاقه، فلما وجد راحة العافية قال: يا جبريل، ومَدَّ بها صوته، ابعثوا من شئتم فليس بيني وبينكم الآن عمل، غيري يملك الأموال وأنا لا شيء معي، ما يذهب لكم في حاجة إلا كشخان فأمر بإطلاقه والإِحسان إليه.

 المأمون ورجل يدعي أنه إبراهيم الخليل

 وحدث ثُمَامة بن أشرس قال: شهدت مجلساً للمأمون وقد أتى برجل ادعى أنه إبراهيم الخليل، فقال له المأمون: ما سمعت بأجرأ على اللّه من هذا قلت: إن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في كلامه، قال: شأنك وإياه، قلت: يا هذا إن إبراهيم عليه السلام كانت له براهين، قال: وما براهينه. قلت: أضْرِمَتْ له النار وألقي فيها فكانت برداً وسلاماً، فنحن نُضْرِمُ لك ناراً ونطرحك فيها فإن كانت عليك بَرْداً وسلاماً كما كانت عليه آمَنَّا بك وصدقناك، قال: هات ما هو ألْيَنُ عليّ من هذا، قلت: فبراهين موسى عليه السلام، قال: وما هي. قلت: ألْقَى العصا فإذا هي حية تسعى تَلْقَفُ، ما يأفكون، وضرب بها البحر فانفلق، وبياض يده من غير سوء، قال: هذا أصعب، ولكن هات ما هو ألين عليّ من هذا قلت: فبراهين عيسى عليه السلام، قال: وما براهينه. قلت: إحياء الموتى، فقطع الكلام في براهين عيسى وقال: جِئْتَ بالطامَّةِ الكبرى، دعني من براهين هذا، قلت: فلا بد من براهين، قال: ما معي من هذا شيء، وقد قلت لجبريل إنكم توجهونَنِي إلى شياطين فأعطوني حجة أذهب بها وإلا لم أذهب، فغضب جبريل عليه السلام عليّ، وقال: جئت بالشر من ساعة، اذهب أولاً فانظر ما يقول لك القوم، فضحك المأمون وقال: هذا من الأنبياء التي تصلح للمنادمة.
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق