40
( أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ) للمقدسي
الجزء الأول
إقليم العراق
الكوفة:
قصبة جليلة خفيفة حسنة البناء جليلة الاسواق كثيرة الخيرات جامعة رفقة. مصرها سعد بن أبي وقاص أيام عمر، وكل رمل خالطه حصى فهو كوفة ألا ترى إلى أرضها، وكان البلد في القديم الحيرة وقد خربت. وأول من نزلها من الصحابة علي بن أبي طالب، وتبعه عبد الله بن مسعود وأبو الدرداء ثم تتابعوا كلها. والجامع على ناحية الشرق على أساطين طوال من الحجار الموصلة بهى حسن، والنهر على طرفها من قبل بغداد. ولهم آبار عذيبية حولها نخيل وبساتين، ولهم حياض وقني. محلة الكناسة: من قبل البادية، وهو بلد مختلٌ قد خرب أطرافه وقد كان نظير بغداد. والقادسية: مدينة على سيف البادية، تعمر أيام الحاج ويحمل إليها كل خير، لها بابان وحصن طين، وقد شق لهم نهر من الفرات إلى حوض على باب بغداد، وثم عيون عذيبية وماءٌ آخر يجرونه عند باب البادية أيام الحاج، وهي سوق واحد الجامع فيه. سورا: مدينة بها فواكه كثيرة وأعناب، آهلة وسائر المدن صغار آهلات. عين التمر: حصينة في أهلها شرهٌ.
البصرة: قصبة سرية أحدثها المسلمون أيام عمر، كتب إلى صاحبه ابن للمسلمين مدينةً بين فارس وديار العرب وحد العراق على بحر الصين، فاتفقوا على موضع البصرة، ونزلها العرب ألا تراها إلى اليوم خططاً، ثم مصرها عتبة بن غزوان، وهي شبه طيلسان قد شق إليها من دجلة نهران نهر الابلة ونهر معقل، فإذا اجتمعا مدا عليها، وتشعب إليها أنهار إلى ناحية عبادان وناحية المذار، فطولها ممتد على النهر، ودورها في البر إلى البادية، ولها من هذا الوجه باب واحد، وهي من النهر إلى الباب نحو ثلاثة أميال. وبها ثلاثة جوامع أحدها في الاسواق بهيٌ جليل عامر آهل ليس بالعراق مثله على أساطين مبيضة، وجامع آخر على باب البادية وهو كان القديم، وآخر على طرف البلد. وأسواقها ثلاث قطع الكلاء على النهر، وسوق الكبير، وباب الجامع، وكل أسواقها حسنة. والبلد أعجب إلى من بغداد لرفقها وكثرة الصالحين بها. وكنت بمجلس جمع فقهاء بغداد ومشايخها فتذاكروا بغداد والبصرة فتفرقوا على أنه إذا جمعت عمارات بغداد وأندر خرابها لم تكن أكبر من البصرة. وقد خرب طرف البصرة البري. واشتق اسمها من الحجارة السود كان يثقل بها مراكب اليمن فتلقى ثم وقيل لا بل حجارة رخوة تضرب إلى البياض، وقال قطرب من الأرض الغليظة. وحماماتها طيبة والأسماك والتمور بها كثيرة ذات لحم وخضر وأقطان وألبان وعلوم وتجارات، غيرأنها ضيقة الماء، منقلبة الهواء عفنة عجيبة الفتن. الأبلة: على دجلة عند فم نهر البصرة من قبل الشمال، الجامع أعلى القرية، عامرة كبيرة أرفق من البصرة وأرحب. شق عثمان: بازائها من نحو الجنوب، الجامع في آخرها حسن. وسائر المدن على أنهار من جانبي دجلة عن يمين وشمال وجنوب وشمال، كلهن جليلات كبار. غبادان: مدينة في جزيرة بين دجلة العراق ونهر خوزستان على البحر، ليس وراءها بلد ولا قرية ا إلا البحر، فيها رباطات وعباد وصالحون وأكثرهم صناع الحصر من الحلفاء، غير أن الماء بها ضيق والبحر عليها مطبق. واسط: قصبة عظيمة ذات جانبين وجامعين وجسر بينهما، كثيرة الخير ومعدن السمك، جامع الحجاج وقبته في الغربي في طرف الأسواق بعيد عن الشط متشعث عامر بالقرآن، اختطها الحجاج وسميت واسط لأنها بين قصبات العراق وبين الأهواز، رفقة صحيحة الهواء عذبة الماء حسنة الأسواق واسعة السواد، وقد جعل في طرفي الجسر موضعان يدخل فيهما السفن، وفيهم ظرف. وسائر مدنها صغار مختلة أعمرها الطيب وقرقوب، إلا أن ناحيتها جيدة. الصليق: مدينة على بحيرة طولها أربعون فرسخاً، يتصل ضياعها بسواد الكوفة، شديدة الحر كربة بليذة بقٌ مهلك وعيش ضيق، أدامهم السمك وماؤهم حميم وليلهم عذاب وعقلهم سخيف ولسانهم قبيح مع ملح قليل وكرب عظيم، إلا أنها معدن الدقيق وسلطان رفيق وماءٌ غزير وسمك خطير واسم كبير، وفي الحرب كل صبور وبالنهركل بصير، ولهم موضع يشاكل نهر الأبلة حسن. يليها في الكبر الجامدة وهما من دجلة على ناحية وسائر المدن دونهما، وهذه البطائح بحيرات ومياه ثم مزارع، وللعراق منها رفق عظيم.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق