39
( أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ) للمقدسي
الجزء الأول
إقليم العراق
هذا إقليم الظرفاء، ومنبع العلماء. لطيف الماء، عجيب الهواء، ومختار الخلفاء. أخرج أبا حنيفة فقيه الفقهاء، وسفيان سيد القراء. ومنه كان أبو عبيدة والفراء، وأبو عمرو صاحب المقراء. وحمزة والكسائي وكل فقيه ومقريء وأديب، وسري وحكيم وداه وزاهد ونجيب، وظريف ولبيب. به مولد ابراهيم الخليل، وإليه رحل كل صحابي جليل. أليس به البصرة التي قوبلت بالدنيا، وبغداد الممدوحة في الورى، والكوفة الجليلة وسامرا، ونهره من الجنة بلا مرا. وتمور البصرة فلا تنسى، ومفاخره كثيرة لا تحصى. وبحر الصين يمس طرفه الأقصى، والبادية إلى جانبه كما ترى. والفرات بقربه من حيث جرى، غير أنه بيت الفتن والغلا. وهو في كل يوم إلى وراء، و.، الجور والضرائب في جهد بلاء. مع ثمار قليلة، وفواحش كثيرة، ومؤن ثقيلة. وهذا شكله ومثاله والله أعلم وأحكم. وقد جعلناه ست كور وناحية، وكانت الكور في القديم غير هذه إلا حلوان، ولكنا أبداً نجري الأمر على ما عليه الناس، وأدخلنا الكور القديمة والقصبات في الاجناد وأسم هذه الكور والقصبات واحد فأولها من قبل ديار العرب الكوفة ثم البصرة ثم واسط ثم بغداد ثم حلوان ثم سامرا. فأما الكوفة فمن مدنها: حمام ابن عمر، الجامعين، سورا، النيل، القادسية، عين التمر. وأما البصرة فمن مدنها: الأبلة، شق عثمان، زبان، بدران، بيان، نهر الملك دبا، نهر الامير أبو الخصيب، سليمانان، عبادان، المطوعة، والقندل، المفتح، الجعفرية. وأما واسط فمن مدنها: فم الصلح، درمكان، قراقبة، سيادة، باذبين، السكر، الطيب، قرقوب، قرية ا لرمل، نهر تيرى، لهبان، بسامية أودسة. وأما بغداد فمن مدنها: النهروان، بردان، كارة، الدسكرة، طراستان، ها رونية، جلولا، باجسري، با قبة، إسكاف، بوهرز، كلواذى، درزيجان، المداين، كيل، سيب، دير العاقول، النعمانية، جرجرايا، جبل، نهر سابس، عبرتا، بابل، عبدس، قصر هبيرة. وأما حلوان فمن مدنها: خانقين، زبوجان، شلاشان، الجامد، الحر، السيروان، بندنيجان. وأما سامرا فمن مدنها: الكرخ، عكبرا، الدور، الجامعين، بت راذانان، قصر الجص، جوى، أيوا نا، بريقا، سند ية، راقفروبة، دمما، الأنبار، هيت، تكريت، 1 لسن. فإن قال قائل لم جعلت بابل في الجند وإليها كان ينسب الإقليم في القديم، ألا ترى أن الجيهاني ابتدأ بذكر هذه النواحي وسماها إقليم بابل، وكذلك سماها وهب في المبتدأ وغيره من العلماء. قيل له قد تحرزنا من هذا السؤال. ونظائره بأنا أجرينا علمنا على التعارف كاالإيمان، ألا ترى أن رجلاً لو حلف أن لا يأكل رؤوساً فأكل من رؤوس البقر والغنم حنث. وقال أبو يوسف ومحمد لا يحنث، وسمعت الأئمة من مشايخنا يقولون لا نعد هذا خلافاً بينهم لأن في وقت أبي حنيفة كانت تباع وتؤكل ثم زالت تلك العادة في زمانهما. وقد شققنا الاسلام طولاً وعرضاً فما سمعنا الناس يقولون ألا هذا إقليم العراق وأكثر الناس لا يعلمون أين بابل، ألا ترى إلى جواب أبي بكر لعمر لما سأله أن يبعث جيوشه إلى هذه الناحية فقال: لان يفتح الله على يدي شبرا من الأرض المقدسة أحب إلى من رستاق من رساتيق العراق ولم يقل من رساتيق بابل. فإن قال في قول الله تعالى: وما أنزل على الملكين ببابل دليل على ماذكرنا قيل له هذا الاسم قد يجوز أن يتناول الإقليم والمدينة جميعاً، ووقوعه على المدينة مجمع عليه، لأن أحداً لا ينازع أحداً في اسمها، وفي وقوعه على الإقليم اختلاف فمن أوقعه عليه وجب عليه الدليل.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق