23
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الخامس
ذكر عزل الخاقانيّ عن الوزارة ووزارة عليّ بن عيسى
في هذه السنة ظهر للمقتدر تخليط الخاقانيّ وعجزه في الوزارة فأراد عزله وإعادة أبي الحسن بن الفرات إلى الوزارة فمنعه مؤنس الخادم عن ابن الفرات لنفوره عنه لأمور منها: إنفاذ الجيش إلى فارس مع غيره وإعادته إلى بغداد وقد ذكرناه فقال للمقتدر: متى أعدتَه ظنّ الناس أنّك إنّما قبضتَ عليه شرهًا في ماله والمصلحة أن تستدعي عليَّ بن عيسى من مكّة وتجعله وزيرًا فهو الكافي الثقة الصحيح العمل المتين الدين.
فأمر المقتدر بإحضاره فأنفذ مَن يحضره فوصل إلى بغداد أوّل سنة إحدى وثلاثمائة وجلس في الوزارة وقُبض على الخاقانيّ وسُلّم إليه فأحسن قبضه ووسّع عليه وتولّى عليُّ بن عيسى ولازم العمل والنظر في الأمور وردّ المظالم وأطلق من المكوس شيئًا كثيرًا بمكّة وفارس وأطلق المواخير والمُفسدات بدوْبق وأسقط زيادات كان الخاقانيُّ قد زادها للجند لأنّه عمل الدخل والخرج فرأى الخرج أكثر فأسقط أولئك وأمر بعمارة المساجد والجوامع وتبييضها وفرشها بالحصر وإشعال الأضواء فيها وأجرى للأئمة والقراء والمؤذنين أرزاقًا وأمر بإصلاح البيمارستانات وعمل ما يحتاج إليه المرضى من الأدوية وقرّر فيها فضلاء الأطبّاء وأنصف المظلومين وأسقط ما زيد في خراج الضياع ولمّا عُزل الخاقانيُّ أكثر الناس التزوير على خطّه بمسامحات وإدرارات فنظر عليُّ بن عيسى في تلك الخطوط فأنكرها وأراد إسقاطها فخاف ذمّ الناس ورأى أن ينفذها إلى الخاقانيّ ليميّز الصحيح من المزوّر عليه فيكون الذمّ له فلمّا عُرضت تلك الخطوط عليه قال: هذه جميعها خطّي وأنا أمرتُ بها فلمّا عاد الرسول إلى عليّ بن عيسى بذلك قال: والله لقد كذب وقد علم المزوَّر من غيره ولكنّه اعترف بها ليحمده الناس ويذمّوني وأمر بها فأُجيزتْ.
وقال الخاقانيُّ لولده: يا بنيّ هذه ليست خطّي ولكنّه أنفذها أليّ وقد عرف الصحيح من السقيم ولكنّه أراد أن يأخذ الشوك بأيدينا ويبغّضنا إلى الناس وقد عكست مقصوده.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق