إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 7 سبتمبر 2015

62 ( أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ) للمقدسي الجزء الأول اقليم مصر الفسطاط:


62

( أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ) للمقدسي

 الجزء الأول
   
 اقليم مصر

  الفسطاط:


هومصرفي كل قول لأنه قد جمع الدواوين، وحوى أمير المؤمنين. وفصل بين المغرب وديار العرب واتسع بقعته وكثر ناسه وتنضر اقليمه وأشتهر اسمه وجل قدره فهو مصر مصر وناسخ بغداد ومفخر الإسلام ومتجر الأنام، وأجل من مدينة السلام. خزانة المغرب ومطرح المشرق وعامر الموسم ليس في الأمصار آهل منه، كثير الاجلة والمشايخ، عجيب المتاجر والخصائص حسن الأسواق والمعايش، إلى حماماته المنتهى، ولقياسيره لباقة وبهاء. ليس في الإسلام أكبر مجالس من جامعه، ولا أحسن تجملاً من أهله، ولا أكثر مراكب من ساحله. آهل من نيسابور واجل من البصرة وأكبر من دمشق، به أطعمة لطيفة، وأدامات نظيفة، وحلاوات رخيصة، كثير الموز والرطب، غزير البقول والحطب. خفيف الماء، صحيح الهواء. معدن العلماء، طيب الشتاء. أهل سلامةٍ وعافية، ومعروف كثير وصدقة. نغمتهم بالقرآن حسنه، ورغبتهم في الخير بينة. وحسن عبادتهم في الآفاق معروفة قد استراحوا من أذى الأمطار، وأمنوا من غاغة الأشرار. ينتقدون الخطيب والإمام ولا يقدمون إلا طيباً وإن بذلوا الأموال قاضيهم ابداً خطير، والمحتسب كالأمير، ولا ينفكون أبداً من نظر السلطان والوزير. ولولا عيوب له كثير، ما كان له في العالم من نظير. وهو نحو ثلثي فرسخ طبقات بعضها فوق بعض وكانت جانبين الفسطاط والجيزة ثم شق بعض الخلفاء من ولد العباس خليجاً على قطعة منها فسميت تلك القطعة الجزيرة لأنها بين العمود والخليج وسمي خليج أمير المؤمنين، منه شربهم، ودورهم أربع طبقات وخمس كالمناير يدخل إليهم الضياء من الوسط، وسمعت أنه يسكن الدار الواحدة نحو مائتي نفس، وأنه لما صار إليها الحسن بن أحمد القرمطي خرج الناس إليه فرآهم مثل الجراد فهاله ذلك وقال ما هذا قيل هؤلاء نظارة مصر ومن لم يخرج أكثر. وكنت يوماً أمشي على الساحل وأتعجب من كثرة المراكب الراسية والسائرة، فقال لي رجل منهم من أين أنت، قلت: من بيت المقدس، قال: بلد كبير أعلمك يا سيدي اعزك الله أن على هذا الساحل وما قد أقلع منه إلى البلدان والقرى من المراكب ما لو ذهبت إلى بلدك لحملت أهلها وآلاتها وحجارتها وخشبها حتى يقال كان ههنا مدينة. وسمعتهم يذكرون أنه يصلي قدام الامام يوم الجمعة نحو عشرة الآف رجل، فلم أصدق حتى خرجت مع المتسرعة إلى سوق الطير فرأيت الأمر قريباً مما قالوا. وأبطأت يوماً عن السعي إلى الجمعة، فالفيت الصفوف في الأسواق على أكثر من ألف ذراع من الجامع، ورأيت القياسير والمساجد والدكاكين حوله مملؤة من كل جانب من المصلين، وهذا الجامع يسمى السفلاني من عمل عمرو بن العاص وفيه منبره، حسن البناء في حيطانه شيء من الفسيفس على أعمدة رخام أكبرمن جامع فى دمشق والإزدحام فيه أكثر من الجوامع الست، قد التفت عليه الأسواق إلا أن بينها وبينه من نحو القبلة دار الشط وخزائن وميضأة، وهو أعمر موضع بمصر، وزقاق القناديل عن يساره، وما يدريك ما زقاق القناديل، والجامع الفوقاني من بناء بني طيلون أكبر وأبهى من السفلاني على أساطين واسعة مصهرجة وسقوفه عالية، في وسطه قبة على عمل قبة زمزم فيها سقاية، مشرف على فم الخليج وغيره وله زيادات وخلفه دار حسنة ومنارته من حجر صغيرة درجها من خارج، والحد بين أسفل وفوق مسجد عبدالله قد بنى على مساحة الكعبة. ويطول الوصف بنعت أسواقه وجلالته، غير أنه أجل أمصار المسلمين وأكبر مفاخرهم وآهل بلدانهم، ومع هذه الكثرة اشتريت به الخبز الحواري ولا يخبزون غيره ثلاثين رطلاً بدرهم، والبيض ثمانية بدانق، والموز والرطب رخيص، يجيء ابداً إليه ثمرات الشام والمغرب، وتسير الرفاق إليه من العراق والمشرق، ويقطع إليه مراكب الجزيرة والروم، تجارته عجيبة ومعايشه مفيدة وأمواله كثيرة، لا ترى أحلى من مائه ولا أوطأ من أهله ولا أحسن من بهره ولا أبرك من نهره إلا أنه ضيق المنازل كثير البراغيث عفن كرب البيوت قليل الفواكه مياه كدرة وآبار وضرة ودور قذرة وبق منتن وجرب مزمن ولحوم غزيرة وكلاب كثيرة ويمين فظيعة ورسوم وحشة. أبداً على خوف من القحط وانقطاع النهر وأشرافٍ على الجلاء وتربص بالبلاء. لا يتورع مشايخهم عن شرب الخمور، ولا نساؤهم عن الفجور. للمرأة زوجان، وترى الشيخ سكران. وفي المذهب حزبان، مع سمرة وقبح لسان. والجزيرة خفيفة لأهل، الجامع والمقياس على طرفها عند الجسر 

  مما يلي المصر. وفيها بساتين ونخيل ومتنزه أمير المؤمنين عند الخليج بموضع يسمى المختارة. يلي المصر. وفيها بساتين ونخيل ومتنزه أمير المؤمنين عند الخليج بموضع يسمى المختارة.
 الجيزة: مدينة خلف العمود كانت الطريق إليها من الجزيرة. علي جسر، إلى أن قطعه الفاطمي، بهاجامع وهي أعمر وأكبر من الجز يرة، والجادة منها إلى المغرب، ويلقي الخليج العمود تحت الجزيرة عند المختارة. القاهرة: مدينة بناها جوهر الفاطمي لما فتح مصر وقهر من فيها. كبيرة حسنة بها جامع بهي وقصر السلطان وسطها، محصنة بأبواب محددة، على جادة الشام، ولا يمكن أحداً دخول الفسطاط إلا منها لأنهما بين الجبل والنهر، ومصلى العيد من ورائها والمقابر بين المصر والجبل. العزيزية: قد اختلت وخربت عامتها، وكانت المصر في القديم وبها كان ينزل فرعون، وثم قصره ومسجد يعقوب ويوسف. عين شمس: مدينة على جادة الشام، كثيرة المزارع بها مسد النيل أيام زيادته، جامعهم في السوق. المحلة: مدينة على نهر الإسكندرية، بها جامع لطيف وليس بها كثير أسواق، غيرأنها عامرة نزيهة الشط حسنة النهر، يقابلها صندفا به جامع، عامرة شبهتها بواسط، إلا أنه ليس بينهما جسر يعبرون في المراكب. حلوان: مدينة من نحو الصعيد ذات مغاير ومقاطع وعجائب، بها حمام من فوقه حمام آخر. وسائر المدن على عمود النيل وخليجيه.


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق