إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 7 أكتوبر 2014

1856 موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية للدكتور عبد الوهاب المسيري المجلد الخامس: اليهودية.. المفاهيم والفرق الجزء الثالث: الفرق الدينية اليهودية الباب التاسع: اليهودية وأعضاء الجماعات اليهودية وما بعد الحداثة التمركز حول اللوجوس Logocentrism


1856

موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية

للدكتور عبد الوهاب المسيري

المجلد الخامس: اليهودية.. المفاهيم والفرق
  
الجزء الثالث: الفرق الدينية اليهودية

الباب التاسع: اليهودية وأعضاء الجماعات اليهودية وما بعد الحداثة

التمركز حول اللوجوس

Logocentrism

«التمركز حول اللوجوس» ترجمة لكلمة «لوجوسنتريك logocentric» المكونة من كلمتي «لوجوس logos» بمعنى «كلمة» أو «حضور» أو «عقل» أو «تجلِّي الإله» أو «المبدأ الثابت الواحـد» وكلمة «سـنتر centre» بمعنى «مركـز».

ويرى دريدا أن الفكر الغربي فكر متمركز حول اللوجوس (ففي البدء كانت «الكلمة»)، فاللوجوس هي الأصل وكل شيء يستند إليها، ولا يستطيع أحد أن يخرج من نطاق اللوجوس. واللغات الأوربية نفسها متمركزة حول اللوجوس، وبداية الإنسان الغربي متمركزة حول اللوجوس. والأنساق المتمركزة حول اللوجوس تدَّعي لنفسها العالمية والشمول وتدعي أن نقطة مرجعيتها موجودة خارجها، وأنها تستمد معقوليتها ومعياريتها من هذه النقطة. كما أن مفهوم الغائية والعلية يستند إلى هذا الأصل الثابت، والتراتب الهرمي والمنظومات الأخلاقية والثنائيات الأنطولوجية والمعرفية والأخلاقيـة (معقـول/غير معقــول ـ خيِّر/شـرير) كلها تستند إليه. ولكن، بمعنى من المعاني، يرى أنصار ما بعد الحداثة أن الفكر الإنساني كله متمركز حول لوجوس ما (بمعنى العقل والمركز والمبدأ الأسـاسي الثابت)، فلا يوجد فكر إنسـاني بدون أسـاس ثابت خارج عنه، ولذلك فإن كل الفكر الإنساني (ربانياً كان أم إلحادياً) ميتافيزيقي (ملوث بالميتافيزيقا) لا يتعامل مع الصيرورة الحسية المباشرة.

ويهاجم أنصار ما بعد الحداثة التمركز حول اللوجوس، فيطرح دريدا مفهوم الاخترجلاف والتناص والكتابة الأصلية والأثر والهوة (أبوريا) ورقص الدوال والتمركز حول المنطوق والنص المفتوح، وكلها تحاول مهاجمة فكرة الأصل الثابت من خلال محو الثنائيات والحدود حيث يسقط كل شيء في الصيرورة وتسود الانزلاقية.

والتمركز حول اللوجوس، في التراث اليهودي، حالة مستحيلة توجد في الماضي السحيق حينما كان يهوه يحل في الشعب ويقوده في البادية ويدخل معه في علاقة حوارية مباشرة. كما يوجد التمركز حول اللوجوس في نهاية التاريخ في اللحظة المشيحانية حين يجمع الإله شعبه المبعثر ويحل فيه ويقـوده مرة أخـرى إلى أرض الميعاد ليسـود العالم. أما ما بين اللحظتين، وهو التاريخ بأسره، فإن الإله غائب واللوجوس غير موجود لا يمكن التمركز حوله (على عكس ما يتصوره المسيحيون)، فهي حالة تبعثر وتشتت وصيرورة عبثية كاملة، وهذا هو المجال البحثي لأنصار ما بعد الحداثة. وقد تطوَّر اللاهوت اليهودي تدريجياً ليصبح لاهوتاً بلا مركز ولا لوجوس، وهو ما يُسمَّى «لاهوت موت الإله».



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق