320
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثانى
ذكر بناء ابن الزبير الكعبة
لما احترقت الكعبة حين غزا أهل الشام عبد الله بن الزبير أيام يزيد تركها ابن الزبير يشنع بذلك على أهل الشام فلما مات يزيد واستقر الأمر لابن الزبير شرع في بنائها فأمر بهدمها حتى ألحقت بالأرض وكانت قد مالت حيطانها من حجارة المنجنيق وجعل الحجر الأسود عنده وكان الناس يطوفون من وراء الأساس وضرب عليها السور وأدخل فيها الحجر واحتج بأن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لعائشة: لولا حدثان عهد قومك بالكفر لرددت الكعبة على أساس إبراهيم وأزيد فيها الحجر.
فحفر ابن الزبير فوجد أساسًا أمثال الجمال فحركوا منها صخرة فبرقت بارقة فقال: أقروها على أساسها وبنائها وجعل لها بابين يدخل من أحدهما ويخرج من الآخر.وقيل: كانت عمارتها سنة أربع وستين.ذكر الحرب بين ابن خازم وبني تميم في هذه السنة كانت الحرب بين ابن خازم السلمي وبني تميم بخراسان.
وسبب ذلك أن من كان بخراسان من بني تميم أعانوا ابن خازم على من بها من ربيعة وقد تقدم ذكر ذلك فلما صفت له خراسان جفا بني تميم وكان قد جعل ابنه محمدًا على هراة وجعل على شرطته بكير بن وساج وضم إليه شماس بن دثار العطاردي وكانت أم محمد تميمية فلما جفا ابن خازم بني تميم أتوا ابنه محمدًا بهراة فكتب ابن خازم إلى ابنه محمد وإلى بكير وشماس يأمرهم بمنعهم عن هراة فأما شماس فصار مع بني تميم وأما بكير فإنه منعهم فأقاموا ببلاد هرا فأرسل بكير إلى شماس: إني أعطيتك ثلاثين ألفًا فأعط كل رجل من بني تميم ألفًا على أن ينصرفوا.
فأبوا عليه وأقاموا يترصدون محمدًا فخرج يتصيد فأخذوه وشدوه وثاقًا وشربوا ليلتهم وجعلوا يبولون عليه كلما أرادوا البول فقال لهم شماس: أما إذا بلغتم هذا منه فاقتلوه بصاحبيكما اللذين قتلهما بالسياط.
وكان قد ضرب رجلين من تميم بالسياط حتى ماتا.
فقاموا إليه ليقتلوه فنهاهم عنه حيان بن مشحبة الضبي وألقى نفسه عليه فلم يقبلوا منه وقتلوا محمدًا.
فشكر ابن خازم لجيهان ذلك فلم يقتله فيمن قتل يوم فرتنا.
وكان الذي تولى قتل محمد رجلان اسم أحدهما عجلة واسم الآخر كسيب.
فقال ابن خازم: بئس ما اكتسب كسيب لقومه ولقد عجل عجلة لقومه شرًا.
وأقبلت تميم إلى مرو وأمروا عليهم الحريش بن هلال القريعي وأجمع أكثرهم على قتال ابن خازم فقاتل الحريش بن هلال عبد الله بن خازم سنتين فلما طالت الحرب خرج الحريش فنادى ابن خازم وقال له: طالت الحرب بيننا فعلام تقتل قومي وقومك ابرز إلي فأينا قتل فقال له ابن خازم: قد أنصفت.
فبرز إليه فتضاربا وتصاولا تصاول الفحلين لا يقدر أحدهما على صاحبه ثم غفل ابن خازم فضربه الحريش على رأسه فألقى فروة رأسه على وجهه وانقطع ركاب الحريش وانتزع السيف ولزم ابن خازم عنق فرسه راجعًا إلى أصحابه ثم غاداهم القتال فمكثوا بذلك بعد الضربة أيامًا ثم مل الفريقان فتفرقوا ثلاث فرق: فرقة إلى نيسابور مع بحير بن ورقاء وفرقة إلى ناحية أخرى وفرقة فيها الحريش إلى مرو الروذ فاتبعه ابن خازم إلى قرية تسمى الملحمة والحريش في اثني عشر رجلًا وقد تفرقت عنه أصحابه وهم في خربة فلما انتهى إليه ابن خازم خرج إليه في أصحابه فحمل مولىً لابن خازم على الحريش فضربه فلم يصنع شيئًا فقال الحريش لرجل معه: إن سيفي لا يصنع في سلاحه شيئًا فأعطني خشبة فأعطاه عودًا من عناب فحمل على المولى فضربه فسقط وقيذًا ثم قال لابن خازم: ما تريد مني وقد خليتك والبلاد قال: إنك تعود إليها.
قال: لا أعود فصالحه على أن يخرج من خراسان ولا يعود إلى قتاله فأعطاه اب خازم أربعين ألفًا وفتح له الحريش باب القصر فدخله ابن خازم وضمن له وفاء دينه وتحدثا طويلًا.
وطارت قطنةٌ عن الضربة التي برأس ابن خازم فأخذها الحريش ووضعها مكانها فقال له ابن خازم: مسك اليوم ألين من مسك أمس.
فقال الحريش: معذرة إلى الله وإليك أما والله لولا أن أزال عظم ذراعي عن مركبه حمل الرديني في الإدلاج بالسحر حولين ما اغتمضت عيني بمنزلةٍ إلا وكفي وسادٌ لي على حجر بزي الحديد وسربالي إذا هجعت عني العيون مجال الفالح الذكر بحير بن ورقاء بفتح الباء الموحدة والحاء المهملة المكسورة.
والحريش بالحاء والراء المهملتين والشين المعجمة.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق