87
المجد المنيف للقدس الشريف
الشيخ عبد الله نجيب سالم
بيت المقدس في العهد الأموي والعباسي
ـ عبد الملك والآثار الخالدة:
وكان عهد عبد الملك بالنسبة لبيت المقدس مميزاً، حيث ترك أهم أثرين معماريين إسلاميين في بيت المقدس: المسجد الأقصى بصورته المقاربة لما هو عليه الآن ومسجد قبة الصخرة، وهذان الأثران ليسا من مفاخر بني أمية فقط بل هما من مفاخر المسلمين في الشرق كله.
فقد ابتدأ عبد الملك عمارة المسجد الأقصى وأتمها وأكملها من بعده ابنه الوليد بن عبد الملك، وكان كثير التردد إليه والجلوس فيه.
ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء عن إسماعيل بن عبيد قال: كان عبد الملك بن مروان جالساً في صخرة بيت المقدس وأم الدرداء الصغرى جالسة معه، حتى إذا نودي للمغرب قام وقامت تتوكأ على عبد الملك ـ وكانت امرأة كبيرة ـ حتى يدخل بها المسجد ـ أي المسجد الأقصى ـ فتجلس مع النساء، ويمضي عبد الملك إلى المقام يصلي بالناس.
كما انصرف بكل اهتمام وجد لعمارة مسجد الصخرة في بيت المقدس، فأنفق في هاتين العمارتين ما لا يوصف من المال والجهد والإتقان.
يقول ابن كثير: ولما أراد عبد الملك عمارة بيت المقدس وجه إليه بالأموال والعمال، ووكّل بالعمل رجاء بن حيوة ويزيد بن سلام مولاه، وجمع الصناع من أطراف البلاد وأرسلهم إلى بيت المقدس، وأمر رجاء بن حيوة ويزيد أن يفرغا الأموال إفراغاً ولا يتوقفا فيه، فبثوا النفقات وأكثروا، فبنوا القبة وفرشاها بالرخام الملون وأقاما لها سدنة وخداماً بأنواع الطيب والمسك والعنبر والماورد والزعفران، ويعملون منه غالية (طيباً) ويبخرون القبة والمسجد من الليل، وجعل فيها من قناديل الذهب والفضة، والسلاسل الذهب والفضة شيئاً كثيراً، وفرشاها والمسجد بأنواع البسط الملونة، وكانوا إذا أطلقوا البخور شُمّ من مسافة بعيدة، وكان إذا رجع الرجل من بيت المقدس إلى بلاده توجد منه رائحة المسك والطيب والبخور أياماً، وكان فيه من السَّدَنة والقُوَّم القائمين بأمره خلق كثير. ولم يكن يومئذ على وجه الأرض بناء أحسن ولا أبهى من قبة صخرة بيت المقدس، وقد كان فيها من الفصوص والجواهر والفسيفساء وغير ذلك شيء كثير وأنواع باهرة.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق