2805
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
الكتاب الثالث في أخبار البربر والأمة الثانية من أهل المغرب
وذكر أوليتهم وأجيالهم و دولتهم منذ بدء الخليقة لهذا العهد
ونقل الخلاف الواقع بين الناس في أنسابهم
الفصل الأول
هذا الجيل من الآدميين هم سكان المغرب القديم، ملأوا البسائط والجبال من تلوله وأريافه وضواحيه وأمصاره، يتخذون البيوت من الحجارة والطين ومن الخوص والشجر ومن الشعر والوبر. ويظعن أهل العز منهم والغلبة لانتجاع المراعي فيما قرب من الرحلة، لا يجاوزون فيها الريف إلى الصحراء والقفر الأملس. ومكاسبهم الشاء والبقر والخيل في الغالب للركوب والنتاج. وربما كانت الإبل من مكاسب أهل النجعة منهم شأن العرب، ومعاش المستضعفين منهم بالفلح ودواجن السائمة. ومعاش المعتزين أهل الانتجاع والأظعان في نتاج الإبل وظلال الرماح وقطع السابلة. ولباسهم وأكثر أثاثهم من الصوف يشتملون الصماء بالأكسية المعلمة، ويفرغون عليها البرانس الكحل ورؤوسهم في الغالب حاسرة، وربما يتعاهدونها بالحلق. ولغتهم من الرطانة الأعجمية متميزة بنوعها، وهي التي اختصوا من أجلها بهذا الإسم.
يقال: إن أفريقش بن قيس بن صيفي من ملوك التبابعة لما غزا المغرب وأفريقية، وقتل الملك جرجيس وبنى المدن والأمصار، وباسمه زعموا سفيت أفريقية لما رأى هذا الجيل من الأعاجم وسمع رطانتهم ووعى اختلافها وتنوعها تعجب من ذلك وقال: ما أكثر بربرتكم فسموا بالبربر. والبربرة بلسان العرب هي اختلاط الأصوات غير المفهومة. ومنه يقال بربر الأسد إذا زأر بأصوات غير مفهومة.
وأما شعوب هذا الجيل وبطونهم فإن علماء النسب متفقون على أنهم يجمعهم جذمان عظيمان وهما برنس وماذغيس. ويلقب ماذغيس بالأبتر فلذلك يقال لشعوبه البتر ويقال لشعوب برنس البرانس، وهما معاً إبناً برنس. وبين النسابين خلاف هل هما لأب واحد؟ فذكر ابن حزم عن أيوب بن أبي يزيد صاحب الحمار أنهما لأب واحد، على ما حدّثه عنه يوسف الوراق. وقال سالم بن سليم المطماطي وهاني بن مسرور والكومي وكهلان من أبي لوا وهم، نسابة البربر: إن البرانس بتر، وهم من نسل مازيغ بن كنعان. والتبر بنو بر بن قيس بن عيلان وربما نقل ذلك أن أيوب بن أبي يزيد، إلا أن رواية ابن حزم أصح لأنه أوثق.
(وأما) شعوب البرانس فعند النسابين أنهم يجمعهم سبعة أجذام وهي ازداجة ومصمودة وأوربة وعجيسة وكتامة وصنهاجة وأوريغة. وزاد سابق بن سليم وأصحابه: لمطة وهكسورة وكزولة. وقال أبو محمد بن حزم: يقال إن صنهاج ولمط إنما هما إبنا امرأة يقال لها بصكي ولا يعرف لهما أب تزوجها أوريغ فولدت له هوار فلا يعرف لهما أكثر من أنهما أخوان لهوار من أمه. قال وزعم قوم من أوريغ أنه ابن خبوز بن المثنى بن السكاسك من كندة وذلك باطل.
وقال الكلبي أن كتامة وصنهاجة ليستا من قبائل البربر،وانما هما من شعوب اليمانية، تركهما أفريقش بن صيفي بأفريقية مع من نزل بها من الحامية. هذه جماع مذاهب أهل التحقيق في شأنهم، فمن ازداجة مسطاطة، ومن مصمودة غمارة بنو غمار بن
مصطاف بن مليل بن مصمود، ومن أوريغة هوّارة وملد ومغر وقلدن. فمن هوار بن اوريغ مليلة وبنو كهلان، ومن ملس أوريغ سطط وورفل وأسيل ومسراتة. ويقال لجميعهم لهانة بنو لهان بن ملد. ويقال إن مليلة منهم. ومن مغر بن أوريغ ماواسر وزمور وكبا ومصراي ومن قلدن بن أوريغ قمصاتة وورسطيف وبيانة وفل مليلة.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق