144
تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها
جامع الدير
أما جامع الدير فهو جامع صغير بمنارة غربي الكنيسة الكبرى على نحو عشرة أمتار منها وتعلو أرضه نحو عشرة أمتار عن أرض الكنيسة المذكورة . ومع ذلك فمنارته أقل ارتفاعا من قبة الكنيسة . وبناؤه بالطوب النئ والحجر الغرانيتي الغشيم .
وفي الجامع أثران تاريخيان نفيسان وهما : كرسي ومنبر من الخشب الصلب . أما الكرسي فعلى شكل هرم مقطوع نقش على جوانبه الأربعة سطران بالخط الكوفي سطر من أعلى وسطر من أسفل وفيهما اسم باني الجامع وماله في سيناء من المآثر , وترى صورة جوانب الكرسي الأربعة بالفوتوغرافية وما كتب عليها " شكل 45" . وقد زالت هذه المآثر كلها ولم يبق منها الآن إلا هذا الكرسي والجامع الذي نحن بصدده والمسجد على قمة جبل موسى المار ذكره .
أما منبر الجامع فقد حفر على جبهته ستة أسطر بالخط الكوفي فيها اسم واقف المنبر وتاريخ وقفه له . وقد أخذت رسم الكتابة على ورق نشاف عند زيارتي للدير سنة 1905 وطبعها على قوالب من الجبس فلما عدت إلى مصر وجدت زكي باشا محتفظا بالقوالب وراغبا في حلها . وقد دلني على الشيخ مصطفى القباني الدمشقي وهو من كبار الثقات في الخطوط الكوفية في مصر والشام فقرأها لي . وترى صورتها بالفوتوغرافيا وقراءتها " شكل 46 " ص 214
" بسم الله الرحمن الرحيم . مما أمر بعمل هذا الشمع والكراسي المباركة والجامع المبارك الذي بالدير الأعلا والثلاث مساجد الذي فوق مناجاة موسى عليه السلام والجامع الذي فوق جبل دير فاران والمسجد الذي تحت فاران الجديدة والمنارة التي تحضر الساحل الأمير الموقف المنتخب منير الدولة وفارسها أبي المنصور أنوشتكين الامري " اه
ص 215
" بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله وحده لا شريك له . له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شئ قدير . نصر من الله وفتح قريب . لعبد الله ووليه أبي على المنصور الإمام الآمر بأحكام الله أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه المنتصرين . أمر بإنشاء هذا المنبر السيد الأجل الأفضل أمير الحرمين سيف الإسلام ناصر الإمام كافل قضاة المسلمين وهادي دعاة المؤمنين أبو القاسم شاهنشاه عذد الله به الدين وامتع بطول بقائه أمير المؤمنين وأدام قدرته وأعلا كلمته وذلك في شهر ربيع الأول سنة خمس مية أثق بالله " اه ص216
أما الإمام الآمر بأحكام الله أبو المنصور . والأفضل أبو القاسم شاهنشاه المذكوران في لوحة المنبر فالأول هو السابع من خلفاء الدولة الفاطمية الذي تولى الخلافة من 495: 524هـ 1101 : 1130م . والثاني وزيره صاحب المنبر . وتاريخ إنشائه المنبر ربيع أول سنة خمس مئة هـ يوافق نوفمير 1106 م .
وأما أبو المنصور انوشتكين الآمري باني الجامع المذكور في لوحة الكرسي فتدل نسبته إلى " الآمري " على أنه كان أحد أمراء الآمر بأحكام الله المذكور آنفا . وسنعود إلى ذكر الجامع وآثاره وبانيه في باب التاريخ .
وفي محراب الجامع حجر من المرمر الصقيل مكتوب عليه بالحبر بعض أسماء الزوار المسلمين ومنهم : " مفتاح عبد الله في 28 رمضان سنة 925هـ 25 سبتمبر 1519. " سليم بن محمد الخطيب " ومعه جماعة من عساكر الباشبوزق " في 18 رجب 1021هـ 14 سبتمبر 1612م .
وبدنة الرزنة من قبيلة أولاد سعيد هم المخصصون لخدمة الجامع فلا يسمح لأحد بهذه الخدمة غيرهم . والظاهر أنهم أرسلوا من مصر بعد بناء الجامع ليكونوا في خدمته فتناسلوا بين العرب وانضموا إلى أولاد سعيد بطريق الأخوة فعاشوا معهم إلى اليوم . ويبلغ عددهم الآن نحو عشرين رجلا كل منهم يخدم الجامع أسبوعا . وهم لا يصلون فيه ولا يؤذنون ولكنهم يكنسونه ويعتنون بنظافته وفي شهر رمضان ينيرونه كل ليلة . وإذا زار الدير مسلم وجيه فرشوا له الجامع بحصيرتين وسجادة ليصلي فيه .
ويلقب خادم الجامع بالخوجة . وله جراية من الدير يومية وأسبوعية . أما اليومية فعشرة أرغفة وطعام الظهر والمساء مما يأكله الرهبان . وإذا صام الرهبان أخذ بدل طعامه قدحا من القمح . وأما جرايته الأسبوعية فإنه يتناولها عند انتهاء الأسبوق قبل الإنصراف وهي خمسة أقداح مصرية من القمح ونصف قدح من العدس وثلاثة أرغفة وأقة بلح . هذا وفي الوقت تفسه يأخذ جراية عائلته وهي في كل يومين 3 أرغفة للمرأة و4 أرغفة للبالغ من أولاده و3 أرغفة لغير البالغ منهم . ومعدل وزن رغيف الدير 35 درهما ص 217
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق